من الاهتمامات الإنسانية هي الثقافة خاصةً لدى الباحثين والدارسين، فالثقافة هي القطار المعرفي للآداب والفنون والعادات والقيم وجميع مظاهر السلوكيات والأفكار والمشاعر، وهي التاريخ البشري المتراكم والمتواتر من جيل إلى جيل لدى الشعوب، هذه الثقافة المتنوِّعة المتطورة جاءت بها المجلة الثقافية بجريدة الجزيرة الغراء، ثقافة وصل عددها المعرفي إلى الـ (700) خلال عشرين عاماً بمجلة لعبت دوراً كبيراً في تنشيط الحركة الفكرية بمملكتنا الغالية، حيث انعكست على صفحاتها أفكار ورؤى الإنسان الأديب والمفكر والكاتب السعودي، بل أيضاً الأديب والكاتب والمفكر الخليجي ومثله العربي، وهذا ما جعل كبار الأدب والصحافة والثقافة والكتابة الاجتماعية يبدعون في صفحات المجلة الثقافية حتى أعطوها وهجاً وإشعاعاً وضياءً عالي الجودة، بإشراف وإشراقة الزميل الدكتور إبراهيم التركي المشرف على المجلة والملاحق الثقافية بالجريدة.
وعن تجربتي مع المجلة الثقافية كأحد كتَّابها فهي تجربة لا يتجاوز عمرها السنة الواحدة وهي السنة الأخيرة من العشرين عاماً، كنت قبل هذه التجربة محرراً متعاوناً ثم مشرفاً على الصفحات الفنية بالجريدة لأعوام طويلة ثم توقفت عن الركض الصحفي حتى أعادني الزميل إبراهيم التركي لأطل على قراء المجلة أسبوعياً من نافذة المسرح المؤطرة بمقال (تدوين) وعندما بدأت الكتابة في المجلة شعرت بحياة ثقافية جديدة ممتعة، أتاحت هذه التجربة العديد من الكتابات حول المواضيع المتعلقة بالمسرح، وأعني هنا المسرح المحلي الوطني السعودي الذي لم يكن يعنيني أي مسرح غيره، والحقيقة التي يجب أن تُقال عن الزميل إبراهيم أنه كان يعطيني مساحة من الحرية المنتظمة التي جعلتني أعبر عن أفكاري دون أن أشعر بوجود القلم الأحمر، ولو حدث وجود هذا القلم الرقيب لتعطّلت لغة الكتابة من البداية، ليس هذا ما أشعر به وحدي، بل أعتقد الشعور نفسه عند كتَّاب ثقافة الجزيرة أو كتّاب جزيرة الثقافة، وهذا ما جعل المجلة الثقافية مزدهرة ومشعة بكل تنوعاتها وتعددها في الكتّاب والمواضيع والمجالات لمختلف المثقفين السعوديين والخليجيين والعرب على اختلاف اهتماماتهم، الحقيقة الأخرى والتي استوحيتها من قراءاتي لكثير من كتاب الجزيرة الثقافية، هي أن الطرح في المواضيع يسودها اللغة الوسطية البعيدة عن التسطيح والبعيدة أيضاً عن الكلمات الأكاديمية، وبالتالي ظهرت الثقافية خلال 20 عاماً ومن خلال أعدادها الـ (700) تشكل صدى للحياة الثقافية وصدى للحالة الثقافية السعودية والخليجية والعربية.
** **
- مشعل الرشيد