حدَّثنا صفاءُ بنُ صابرٍ البياتي، عن عَهدِه بالثَّقافيَّةِ بالآتي:
ترامَت بي جَولةٌ شاسِعة، في مِنصَّة «تُويتر» الواسعة. فطُفتُ أجوبُ حساباتِ المجلَّات، وأجولُ بين الصَّفَحات والمقالات. وأنا أتصيَّدُ الكلمةَ الباسِقة، وأنتخِبُ اللُّغةَ السَّامِقة. وأستمتِعُ بالأدبِ المفيد، وأتذوَّقُ الأُسلوبَ النَّضيد. وبعدَ مَخرٍ فيما تيسَّر من المجلَّات العربيَّة، بلغتُ حسابَ الجزيرةِ الثَّقافيَّة. فألِفتُها بينَ أخواتها كالعَروس، فيها مِن الفرائد والدُّروس، ما تَشرَئِبُّ إليه النُّفوس، وتُبذَلُ له الفُلوس. مجلَّةٌ ]ذاتُ الأكمام[، بعيدةُ المرام، تَتخيَّرُ مِن اللُّغة الفِخام، وتُؤثِر في الأدبِ العِظام. مجلَّةٌ أيُّ مجلَّة، تحفِلُ من كلِّ علمٍ وفنٍّ بما جَلَّ. بحوثٌ وكُتُبٌ ومقالات، وإعلامٌ ونُصوصٌ وحِوارات، وتقاريرُ وإبداعاتٌ وتحقيقات. أُسبوعيَّةُ الصُّدور، يوميَّةُ الحضور. تبدأ بالتَّنقير، وتختم بالتَّنوير، وبين ذا وذا تحضير وتزبير وتسبير وتحرير وتحبير. تلك سَبعةٌ كاملَة، فجزى اللهُ الجهودَ النَّاصبةَ العاملَة. ]تَسُرُّ النَّاظرينَ[ صباحَ الجُمَع، وتَبهَجُ القُرَّاءَ باللُّمَّع. فقادني الفُضول، إلى سُؤال أستاذِنا أبي أوسٍ بالقول: يا شيخَنا الشَّمسان، هل مِن وسيلةٍ أو عنوان؟ يُوصلني إليهم، فأنهَل ممَّا لديهم. لعلَّي أحظى بمقالةٍ أو كِتابة، فأذوقَ من ذلك الشَّهْدِ رُضابَة. مع قصور الباع والبضاعة، وقِلَّة أدواتِ الصِّناعة. فأكرمني بـ»إيميل» الدُّكتور إبراهيم التُّركيّ، فطِرتُ جَذَلًا بالعربيّ والتُّركيّ. راسلتُه مِن فَوره، مُستعلِمًا بشَوره. فرحَّب بأدبٍ منفلوطيٍّ رفيع، واستبشر بأُسلوبٍ رافعيٍّ سهلٍ مَنيع. ألفيتُه اسمًا مُفرَدًا، مُسمَّاهُ جمعٌ مُحتشِدًا. توسَّل إليه بإدمانِ السَّهَر، وكَثرةِ النَّظَر، وإعمالِ الفِكَر. فتذكَّرتُ قولَ شاعرنا فيما مضى، مُرتجيًا أستاذَنا أن يرضى:
يا واحدًا ما رأينا واحدًا أبدًا هُمومُ خمسينَ جيلًا فيه تُختَصَرُ
فكانت تلكُم البداية، واللهَ نسألُ الهداية.
أُباركُ لكلِّ ذي صِلَة، بالثَّقافيةِ قَريبةٍ أو مُوغِلَة. عيدَها المئويّ السَّابع، ولا سيَّما أولئك المنابع. رئيسها الأستاذ خالد بن حمد المالك، حفظه اللهُ وأحبابَه من المهالك. ومُديرها الأديب الألمعيّ، والشَّاعر اللَّوذعيّ. أستاذَنا أبا يزن، إحدى كفَّتَي المجلَّة ذا الثِّقَل والوَزن. الدُّكتور إبراهيم بن عبد الرَّحمن التُّركيّ، رُبَّان المجلَّةِ الشُّرَكيّ. وأُثني ثناءً غَدَقًا، لورود المجلَّة عَبَقًا. الأستاذ الإكليل، محمَّد هليل. والأستاذ جابر محمَّد المدخَلي، وهبه الله ُصِدقَ المُخرَج والمُدخَلِ. وأسأل اللهَ العظيمَ لهذه الجهودِ قِوامًا، ولهذا العطاءِ دوامًا. إنَّهُ الرَّؤوف، بعبده المشؤوف. هذا، ومِسكُنا قد شفَّ عنه النَّفسُ والحال، يُغنيه عن مَدحيَ إيَّاه بالقيل والقال.
ونحمدُ اللهَ في النِّهاية والختام، على بلوغ المجلة هذا الرَّقمَ بالكمال والتَّمام. وهذا ما تاح للعبدِ الفقير من القُوت، ممَّا تيسَّر في الحانُوت. عسى أن يُغنيَ من الوَأْج، ويُؤمِنَ ذَوِي الشَّأْج.
** **
- صفاء صابر مجيد البياتي