أرقام قياسية تحصدها المجلة الثقافية بجريدة الجزيرة العريقة حيث يصدر العدد «700» منها الذي يتزامن مع رقمين يكادان يتوحدان حول بداية صدورهما في العشرين سنة الماضية بالهجري وقريبًا بالميلادي وقد يكون هذا من حيث العدد الكمي المتميز في الوقت الذي لم تغفل فيه الكيف الإعلامي بل حفلت هذه الأعداد بكثير من المواد الإعلامية الثقافية والأدبية بالصورة والكلمة الصادقة عبر طواقم تحريرها الذين تميزوا بالمصداقية والشمولية وانتقاء ما يهم القارئ الذي تربطه بهذه الجريدة صلة لا تقف عند حدود مسماها بل يتم توزيعها على أوسع نطاق على خارطة العالم دون قيود ولا حدود لما تتسم به من مصداقية في كل ما تنشر لصالح الوطن والمجتمع في الداخل والخارج.
إن احتفاء العاملين بهذا العدد المئوي السابع يبهج متابعي المجلة الثقافية وقراءها ويعطيهم دفعاً ممتداً لمتابعتها واستمرار المشاركة في موادها الثقافية ولعلها تلبس ثوباً جديداً يتفق وهذه المرحلة التي يعيشها الوطن في ظل رؤية المملكة 2030 التي تستهدف الوطن بكامله بدخوله عالمية التطوير والنمو والانفتاح الذي سجل تنامياً في مدخلاته وشوهدت مخرجات هذه العالمية في زمن قياسي بنته الدول المتقدمة في عشرات السنين فيما حققته المملكة في بضع سنوات لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة باحترافية غير مسبوقة.
نعود للمجلة الثقافية بجريدة الجزيرة فنتذكر بأنها كانت أكبر معين لنشر ما يتعلق بالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون والصوالين الأدبية بل طرقت أبواب أرباب الرأي وعموم المثقفين والأدباء واستنبتت من عقولهم ما كان ولم يزل مواد دسمة تغذي العقول بما تكتنز من رؤى أنارت دروب السالكين في كثير من المجالات التي تتعلق بالحياة الثقافية والأدبية في أنحاء المملكة تحديداً وعلى مستوى خارطة الوطن العربي بوجه عام ولم تكتف عند هذا الحد بل طرقت أبواباً كثيرة في ثقافات الشعوب وطرحت ما ترى فاستفاد منها الباحثون والدارسون في الجامعات والمراكز البحثية كمرجع موثوق بما تنشر عبر هذه الأعداد التي يتوجها العدد المئوي السابع.
المجلة الثقافية بجريدة الجزيرة تعتبر من المجلات الرائدة في تنوع موادها وقوة انتشارها وقبولها في الأوساط الثقافية بعد أن تربعت على هرم الحراك الثقافي في المملكة من خلال ما تقدم من تحقيقات وبحوث ونصوص إبداعية في جميع الأنساق الأدبية إلى جانب الحوارات والتقارير التي تنشرها في أعدادها المتتالية ومن خلال صحفيين محترفين ومبدعين في التقاط كل ما يهم القارئ من أفواه المشتغلين بالشأن الثقافي والأدبي وحتى العلمي ومن خلال قرابة خمسين كاتباً وكاتبة يسهمون بأقلامهم الرصينة في نشر ما يهم القراء من تحليلات وتعليقات ونقاشات ذات مرجعية تتبعية لما يهم الساحة الثقافية ويوجهها للشمولية في المعرفة التي تقود هذا المجتمع إلى التمكن من أرسان الطروحات الإعلامية بالنقد والتحليل المنطقي الذي يستند على كثرة الاطلاع والمتابعة لكل ما ينشر بين دفتي إصدار جديد أو إصدار قديم فيه من الأدلة على ما يطرح ما يغذي عقول القراء وفق منهجية لا تنفك عن المصداقية في ما يتم نقله بعيداً عن التوظيف الذاتي بل لما يخدم قضايا القراء بوجه عام والمتخصصين على وجه التحديد.
ومن باب الإنصاف والحق يقال فإننا عندما نذكر أمجاد جريدة الجزيرة لا بد أن نذكر بالفضل رئيس تحريرها الأستاذ خالد المالك ومعاونيه وعندما نذكر تميز المجلة الثقافية بجريدة الجزيرة لا بد أن نذكر ونعيد الفضل لأهله إذ لم يأت هذا النجاح وهذا التطور من فراغ أو من باب الاجتهاد والمصادفة بل جاء نتيجة قدرات خاصة ودراسات متأنية وقراءات دقيقة لأفكار متابعيها وجمهورها وجميع المنتسبين لطرحها ونتيجة رؤية ثاقبة ومواكبة لتطورات الإعلام الثقافي بالذات باتساع رقعته الجغرافية واتساع مدارك طبقات القراء وهنا لا بد أن مجلة كهذه يتربع على قمة هرم تحريرها رجل بقامة الدكتور إبراهيم التركي الذي يعمل معه رجال احترفوا هذا العمل الإعلامي بكل مصداقية وأفرغوا جميل ما لديهم من مواهب وارتقوا بجميع موادها إلى ذائقة المكان والزمان وذائقة القراء ما جعلها تقف بكل شموخ وتصارع جميع الظروف لتبقى في طليعة المجلات الثقافية التابعة لصحافتنا اليوم فالاحتفال بهذا العدد هو في نفس الوقت احتفاء بجميع العاملين فيها من غير حصر ومع الاحتفاظ بأسمائهم ومساهماتهم في موادها الإعلامية من محررين مقيمين أو مراسلين جائلين طافوا قارة المملكة العربية السعودية بل عدداً من القارات العالمية لجلب ما يجعل من هذه المجلة عالمية وليست محلية فحسب فللجميع منا كل الشكر والتقدير والدعاء لهم بمواصلة السير نحو المئوية العاشرة التي ستكون حتماً علامة فارقة في فضاءات ثقافتنا العربية الواعية.
** **
د. عبدالله الغريب - كاتب إعلامي نائب رئيس أدبي الباحة سابقاً