د.محمد بن عبدالرحمن البشر
ألون ماسك رجل جنوب إفريقي، كندي، أمريكي، عبقري، اقتصادي، فيزيائي، مبتكر، والده كان خارق الذكاء، وورث الذكاء منه، مستثمر مميز جعل من اسمه علماً من أعلام الاختراع والانطلاق إلى الأمام في المجال التقني، وهو الآن أغنى رجل في العالم، بثروة تقدر بثلاثمائة مليار دولار، ومن أكثر الرجال شهرة، وأيضًا من أكثرهم تأثيراً، لا يتوقف طموحه عند حد، فهو ينطلق من نقطة إلى أخرى، حياته صاخبة مثل ما هي مخترعاته، فهو قد رأى انفصال والديه بعضهم بعضًا فعاش مع والده، بينما تزوجت والدته زوجًا آخر، وله أخ من أمه، ولم يكن راضيًا عن سلوك والده، الذي رأى منه ما يشين، وألون ماسك تزوج وطلق، وتزوج وطلق، ثم أحب مغنية، ثم تزوجها، ثم طلقها بعد أشهر، ثم عاد إلى زوجته الثانية، ثم طلقها ثم بقي مع صديقته، وأنجبت منه طفلاً، وأعطاه اسماً عبارة عن معادلة رياضية، واشتهر بأنه عطوف على أولاده، حنون عليهم، تعلم الكمبيوتر والبرمجة وهو صغير بنفسه في بيته، استطاع أن يخترع لعبة صغيرة باعها بخمسمائة دولار، وظل يمارس هوايته في الكمبيوتر واستخدام البرمجة، وبعد ذلك ذهب إلى كندا للدراسة في الجامعة، وقد درس الاقتصاد، ثم الفيزياء بجامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يكمل كتابة رسالته للدكتوراه في الفيزياء التطبيقية ليتفرغ للابتكار والتجارة.
هذه حياته وليست موضوع المقال، المقال يركز على الاستثمار، فهو رجل شجاع مقدام في استثماراته، وشجاعته محسوبة، ولا يتردد عندما يرى أن الإمكانية متاحة من الناحية العلمية والعملية، أما من ناحية الربح والخسارة فإنه يرى أن الوقت كفيل بأن يقلل مقدار التكلفة، وبالتالي يكون الربح ممكناً، وهو فعلاً ما حدث في اختراعه لطريقة الدفع الإلكتروني، وبيعها على شركة بهيبال، وهذا يعتبر في ذاته نجاحاً باهراً جعل الناس يرون أن هناك رجلاً مميزاً قادماً وقادراً على صنع المخترعات الجديدة، لاسيما أنه كثير الكلام والحديث حول قدرات خارقة يمكن للإنسان أن يفعلها ليحقق مزيدًا من الرفاهية والعيش الكريم، محذراً من أن هناك تحديات كبيرة تواجه العالم من حيث قدرته على البقاء، فهو يواجه تأثيرًا خارجيًا من الكويكباتن والمذنبات، وغيرها، وهو كذلك يواجه مشاكل من صنعه، هو مثل القنابل النووية، وأيضًا مشاكل المناخ التي قد تسبب تغيراً كبيراً في البيئة البحرية والبرية، ومشكلة توفر الأكسجين، كما أن الاستخدام المفرط للمواد الخام يمكن أن يؤدي إلى ندرة تلك المواد، أو على الأقل بعضها، مما يجعل الإنسان عاجزاً عن الاستمرار في صناعة ما يمكنه أن يصنع، وتوفير الغذاء الكافي، أو الماء اللازم للشرب والاستعمال، وهذا في حد ذاته تحد كبير يحتاج إلى تفكير عميق، والبحث عن ذلك في كواكب أخرى، وهذا ما بدأ يفكر فيه فعلاً، ويعمل على تطبيقه عملياً، لكن قبل ذلك بدأ الاستثمار في سيارته الكهربائية المسماة تسلا وقد أصبحت الآن مشهورة. وفي الحقيقة أن نجاحه في ذلك كان مرده إلى الثقة في ذاته، وثقة الناس فيه، وانبهارهم بأفكاره الغريبة.
سنتوقف قليلاً عند سيارته الكهربائية تسلا، والحقيقة أنها قدمت للسوق خدمات جديدة، ووفرت كميات معقولة من السيارات التي تستخدم الكهرباء بدلاً من البترول، وأيضاً وفرت له سمعة فائقة، وكذلك مبالغ طائلة من الأموال دفعت به إلى أن يكون أكبر ثري في العالم بأسره، بثروة قدرها 300.000.000.000 دولار، وهذه الشركة ليست الوحيدة في هذا الميدان، لكنها السباقة، كما هو دائماً، سباق في مجال الاختراع، والصناعة، ودخول السوق أيضًا والاستثمار والتنافس سيكون كبيراً، فهناك سيارات كهربائية تنتج في الصين، وفي ألمانيا شركات مشهورة ومعروفة من قبل مثل مرسيد وبي ام دبليو، وكذلك في أمريكا مثل شركة فورد وشركة جي أم، وهذه شركات لها باع طويل في مجال صناعة السيارات منذ عشرات العقود، وهناك شركة واعدة تسيير بخطى واثقة هي شركة لوسيد، لهذا فإن شركة تسلا سوف تواجه منافسة كبيرة من هذه الشركات، لكن الغريب في الأمر أن المستثمر يثق في الرجل ومنتجاته، ويسابق الزمن في الاستثمار معه، وشراء أسهم سيارته، وأغرب من ذلك أن نسبة سعر السهم السوقي للشركة إلى ربحه كبيرة جداً، أي أن السعر مبالغ فيه بعشرات الأضعاف مقارنة بمنافسيه. وهي شركة في السوق ومعروف حدودها، لكن المستثمر يسير على التوقع، وشركة لوسيد للسيارات الفاخرة لم تنتج بعد، لكنها سوف تنتج بزخم كبير، وربما تصل إلى أرقام أكبر من تسلا في يوم قد لا يكون بعيداً، لهذا فقد تكون أجدى للاستثمار من وجهة نظري الشخصية.
من يزرع الثقة في عيون المستثمرين فإنه ولا شك سيدعوهم بتلك الثقة إلى الاستثمار في منتجه، وسوف لن يتردد المستثمرون في وضع أموالهم في المنتج لأنهم يتوقعون أن يعطيهم مردودًا جيدًا لاستثماراتهم مقارنة بغيرها من المنتجات المماثلة، وهكذا فإن الثقة هي عامل أساسي في أي أمر من أمور الحياة.