علي الخزيم
هل يجب علينا الالتزام بمضامين الأمثلة الدارجة وأن تكون من مرتكزات أعمالنا وتعاملاتنا؟ بمعنى أن تكون حَكَمَاً أو مُتحكِّماً آلياً جعلناه بأنفسنا رقيباً على تصرفاتنا، فحين يُقال: (مد رجليك على قدر لحافك)؛ فهل يلزمني أن أُمضي ليلتي نائماً بحالة القُرفُصاء وطيلة الليالي الباردة بحُجّة أن لحافي قصير بالنسبة لأقدامي؟ أم أنه يجب عليَّ أن أكون حصيفاً حاذقاً فأسعى للحصول على لحاف فضفاض يناسب طولي ويدفئ جسمي ويستر أقدامي؟ الحالة الأولى هي عند العقلاء مؤقتة تنتهي عند إيجاد البدائل المناسبة؛ فإملاءات العقل الراجح عندهم تشير إلى أهمية التَّريّث والاكتفاء باستخدام اللحاف المتوفر، وعدم الاندفاع لاقتناء ما هو أطول وأجود منه إلى أن يتوفر ثمن الجديد دون الاستدانة والقروض، وهذا ما يتماهى مع مرئيات العقول الناضجة التي دائماً تدعو للتَّروِّي باتخاذ القرارات وحساب النتائج المترتبة عليها؛ بمعنى أن لا نندفع وراء رغباتنا وشهواتنا لتحقيقها والاستمتاع الوقتي دون تفكير بالعواقب والتَّبِعات اللاحقة؛ فهي أثمان أيضاً مستحقة علينا ويلزمنا الإيفاء بها، فلماذا نُرهق ميزانياتنا ونُشْغِل أذهاننا بما لم يكن ضرورياً ويمكن تأجيله لحين توفر البدائل المناسبة؟! وإن أردنا الأمثال فإن فيها ما يقول: (الدَّين هَمٌّ بالليل وذل بالنهار)!تتحدث المجالس ووسائل التواصل أن هناك (رجلاً أو امرأة) مَن يرى أن وضعه الاجتماعي لا يسمح له بارتداء أثواب سبق أن لبسها بمناسبة مَضَت ليحضر بها مناسبة جديدة، أو يرى عيباً بأن هاتفه المحمول أقدم من هواتف أصدقائه بإصدار واحد فقط، أو تكون سيارته أقل فخامة ومظهراً من سيارات أصدقاء قادرين مادياً، أو من لجأت للاقتراض لاقتناء حقيبة يد من صناعة فاخرة للظهور المُصطنع بين الصديقات والمعارف؛ رغم أن أي حقيبة مقبولة تُغني عنها وربما أجمل منها، لكن البعض يريد دوماً أن (يضع عقله بالحقيبة لا بالحقيقة والواقع)! فليس العيب بالملابس والهواتف والكماليات المَظهرية؛ لكنه بالاهتمام المبالغ به للوصول إلى مثاليات زائفة ولمُجاراة من يستطيع البذل على مظاهره وكمالياته دون عناء، فهل نكون مُلزمين بملاحقة ما يجلبون لأنفسهم لنكون كما هم وإن لم نكن بمقدرتهم المالية؟ واقع الحال والملموس اجتماعياً أن الناس تحترم من يتصرّف بواقعية وحكمة واتزان، ويعرف لأن حجمه ومقامه وقيمته لا تُقَيَّم بالمظهر؛ بل إن الناس مخابر ومواقفيوزنون بثمرات ونتاج عقولهم، وإن تتبعنا مزيداً من الأمثال فهي تقول: (مَنْ لم يُدبِّر ماله أوشك أن يَفتقِر)!
واستحضر هنا الحكاية الأسطورية التي ترويها الجَّدات للأحفاد، المنسوبة لعلاء الدين ومصباحه السِّحري الذي وجده مصادفة بعد حادثة خيالية صورتها السينما وكتب عنها الظُّرفاء، فما إن يمسح على المصباح حتى يخرج له المارد ليقول (شبيك لبيك أنا بين يديك) فيطلب منه أموراً خارقة يُنفِّذها له كما تَدَّعي الرواية، وقياساً فإن فئام من الشَّابَّات حديثات الزواج يدخُلن قُبَيل الزفاف بأحلام تندرج ضمن خيالات (شبيك لبيك) فتُجهِّز قائمة من الطلبات تُقدّمها مُجَدوَلة للزوج الخاضع للقروض البنكية وكأنه يملك مصباح طيِّب الذِّكْر (علاء الدين)، فرفقاً بالأزواج، ولعلهم يرفقون بالقوارير!.