عثمان بن حمد أباالخيل
مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي التي تُسهل عملية التواصل بين البشر في جميع أنحاء العالم، وذلك عبر التفاعل من خلال المنشوراتٍ أو المحادثاتٍ أو المكالمات الصوتية والمرئية، تطورت معها عند البعض مواصفات زوجة المستقبل. هذا التطور تسلق جدار القيم الإنسانية والقيم الإسلامية، وتجاوزته القيم التي نعتز بها، ولم تعد مواصفات الزوجة في الماضي تتماشي مع مواصفاتها في الحاضر.
متطلبات مواصفات زوجة المستقبل بدأت تنتشر عند البعض، منها: كم راتبها؟ كم مقاس حذائها؟ كم وزنها؟ ما هو معدلها التراكمي؟ من أي جامعة تخرجت؟ والأدهى والأمرّ هل تغطي وجهها أم تتحجب؟ ما هي الدول التي سافرت إليها؟ هل تسمع أغاني؟ هل تحب المطاعم؟..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ». من صفات هذه الزوجة الصالحة كما قال صلى الله عليه وسلم: «خير النساء التي تسرُّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره» رواه أحمد والنسائي. فالزوجة الصالحة التي يحدِّد لنا رسولنا الكريم مواصفاتها هي سرُّ سعادتنا. إن هذا التطور الذي سيتطور في المنظور القريب للأسوأ في اختيار الزوجة سوف يخلق فجوة في حياتنا الاجتماعية، يصعب ردمها. تطوُّر مواصفات الزوجة عند البعض سوف يقابله ردة فعل عند المتمسكات بالزوجة الصالحة والمواصفات كما جاءت في تفاصيل ديننا الإسلامي السمح.
مواصفات الزوج المثالي في هذا الوقت أصبحت أمراً صعباً؛ فالحياة تغيّرت، والمصالح تطورت، والمسؤولية تذبذبت.. ومن أهم مواصفات الزوج الصالح: الاحترام، التقدير، الاحتواء، الأمان، الثقة، الصدق، الحب والتفاهم.. عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الْمُزَنِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ، فَأَنْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ». مواصفات زوج المستقبل تنحصر في الدين والخُلق. مفهوم الدين واضح، لكن الخُلق له تعريفات وشروحات عدة. الابتعاد عن مفهوم الزوج الصالح أخذ يأخذ مناحي كثيرة وبعيدة عن الواقع الصحيح الذي يُفترض أن يكون.
الاختلال في مواصفات الزوج والزوجة أدى إلى زيادة نسبة الطلاق في مجتمعنا؛ وإحصائيات وزارة العدل والهيئة العامة للإحصاء تدل على ذلك. وفي رأيي الشخصي، من أهم عوامل الطلاق لحديثي الزواج عدم الاستعداد لتحمُّل تبعات الزواج كمرحلة حياة جديدة ومسؤوليات جديدة بسبب تلك المواصفات التعجيزية من الزوج الذي يظن أنه زوج مثالي. همسة في أذن أختي المقبلة على الزواج، وهمسة في أذن أخي المقبل على الزواج: لا تلتفتوا للمواصفات التعجيزية، وكونوا واقعيين. مواصفات وسائل التواصل الاجتماعي ليست هي المرجع لاختيار الزوجة أو الزوج. أنتم من لديكم القناعة، وأنتم من يحدد ماذا يريد بعقلانية، وليس بالاندفاع وعدم المسؤولية. من أقوالي: «الزوجة المناسبة هي التي تفتح لك أبواب السعادة».