عبده الأسمري
الرضا بالنصيب والقناعة بالمقسوم والاكتفاء بالعطايا تدفع الإنسان إلى قطف «ثمار» الارتياح في وقت يزلزل فيه «القنوط» و«اليأس» و«الإحباط» كل «قواعد» السكينة ويبدد كل «أركان» الطمأنينة ليبقى هذان الطريقان المتقاطعان والمتشابكان متاهة تجعل «البشر» هائمين في مسارب «العزلة» وحائرين وسط منحنيات «الحيرة»..
منذ تلك اللحظة الأولى التي يعاند فيها «الطفل» خط «الزمن» ويعاكس وسطها «حدود» الألفة ليقفز على «أسوار» الجذب في «سلوكيات» مزعجة و«أنشطة» فوضوية تتكون أولى مساحات «المتاهة» المبكرة التي ترسم أولى «خرائط» العشوائية التي قد تشكل «ملامح» قادمة من الثبات أو التزعزع..
المتاهات الطفولية البدائية التي تشكلت في «عصيان «بريء من «صغار» كانوا يرون في الانشقاق الطفولي تمرد يعيد إليهم أرواحهم القابعة في صفوف الانتظار ماضين إلى «اللوذ» بكل معاني الانتصار للخروج من عمق البداهة إلى أفق النباهة مشكلين بذلك أولى «مطامح» إثبات الذات رغمًا عن «التفاصيل» الغريبة وصولاً إلى «العناوين» الثابتة التي ترضي «غرور» النفس وتصنع «سرور» الروح.
تتعدد المتاهات مع الإنسان في مراحل عمر مختلفة وسط «تصاعد» في مقياس السنين و«تباعد» في أحساس اليقين حتى تأتي «فرضيات» العيش و«حتميات» التعايش لتعلن سطوتها في سبيل فك «الغاز» المتاهات والارتداد إلى الخطوات الأولى والتي قد تحمل العديد من الإجابات حتى تمضي الحياة فق «خرائط» ذهنية تقتضي الجد وتستوجب التطبيق..
لم تكن «متاهات» موت الأحبة أو وداع الأصدقاء أو مرض الأجساد أو خسارة المال أو ضياع الآمال سوى «اختبارات» جاءت في صورة «بلاءات» جلية لا يستثنى منها أحد ولا تستطيع أي قوة بشرية وقفها أو منعها أو تأجيلها، فيظل الإنسان في حالة من «الصراع» ما بين شكر واجب وصبر إجباري أو تنكر مقيت أو قنوط اختياري.
في ظل العقبات المختلفة التي تقتضي «المهارة» الشخصية تجاوزها يجب أن يلجأ الإنسان أمامها إلى «إضاءات» التجارب وإلى «أمضاءات» المشارب التي تجعله أكثر وعياً وأعلى فهماً في اقتناص ذلك «الضياء» النابع من نفس تقية وإتباع ذلك «النور» الساطع من روح نقية مما يجعله على «مواعيد» مع النجاة و«براهين» على الفائدة والتي تنجي البشر من «مصاعب» الشر وترتقي بهم إلى «مراتب» الخير.
يتلقى الإنسان في المدارس منذ السنوات الأولى وحتى توقفه في آخر طريق للعلم خليطاً من المناهج والتي ينظر إليها البشر من زاوية منفرجة نحو التعلم المتزايد أو حادة إلى الاكتفاء الثابت مما ينبئ بالنظر إلى الأفق لنيل العلا أو إغماض العين نحو العمق لإحباط الداخل وبالتالي فإن التعامل مع العلوم «متاهات» أولى في البدايات و»إضاءات» مثلى في النهايات يختلف فيها البشر بين من يستخدم «العلم» كقيمة للذات ومقام للنفس أو من يطلبه كوسيلة للوظيفة أو روتين للاجتياز..
هنالك «صدمات» تجعل الإنسان أكثر قدرة على تجاوز المتاهات المنتظرة أو تلك الفجائية فتتحول تجربته وخبرته إلى «إعانة» ذاتية و»إغاثة» نفسية تنير له الدروب المظلمة والمسارات المعتمة وصولاً إلى مرافئ «الاطمئنان» وشواطئ «الأمان» والتي يطلبها كمواقع للاسترخاء النفسي من «عناء» السير في «ظلمات» الظروف حتى يمضي مشواره ببصائر «التجارب» إلى «مصائر» الأهداف.
الحياة جملة من «الصراعات» التي تشكل «المتاهات» وتنشئ «الاختلافات» وتثير «الخلافات» لذا فإن الإنسان أمام طريقين إجباريتين في الخروج من «الأزمات» العميقة و«الصدمات» المتعمقة والتي تحيك مصائد «الهزائم النفسية» وتخطط مكائد «المغارم الذاتية»، فإما السقوط في «قعر» الانهزام أو «الارتقاء» إلى سطح» الانتصار، وكل ذلك مشروط بالنهل من معين «التربية» والحصاد من ثمار «التعلم» والجني من «قطوف» التجارب والقطف من «خيرات» الخبرات..حتى تتكون «ملحمة» الضياء للمضي خلال أجمل «السبل» والوصول إلى أمثل الغايات.
«متاهات» الحياة خارطة ضرورية ومسارات حتمية في محطات العمر تقتضي أن نستعين بإضاءات النجاة والتي تشكل تجاوزات فعلية ونجاحات واقعية تصنع للإنسان «معاني» النجاح و»قيم» الكفاح لتحقيق الهدف الأسمى في إعمار الأرض وازدهار العيش واقتدار الصبر واعتبار النتائج..