تمضي السنين متقدمةً بالأعمار، منضجةً للأفكار حاملةً التجارب إلى آفاق جديدة، ذلك على مستوى الأفراد، فكيف بكيانات الدول بقياداتها وشعوبها بحاضرها ومستقبلها؟، تبادرت إلى ذهني هذه الفكرة من وحي احتفائي كمواطن سعودي بذكرى البيعة لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله وأمد في عمره ومتعه بالصحة والعافية-، هذه الذكرى التي تستمد هيبتها من هيبة قائد المسيرة وربان سفينتها، سلمان الإمام، سلمان الحزم والعزم.
لقد شكلت شخصية الملك سلمان نموذجاً يحتذى في فن الإدارة والسياسة وحسن التخطيط والتدبير، فكان لحضوره الفاعل -حفظه الله- أبلغ الأثر في مسيرة التنمية والبناء التي شهدتها بلادنا خلال العقود الماضية، لا سيما في عاصمتنا الحبيبة الرياض، باعتبارها نواة حقيقية وعنواناً بارزاً لمظاهر الحداثة والتطور والازدهار الاقتصادي والعمراني الذي عاشته وما زالت تعيشه بلادنا في جميع مناطقها.
وعند الحديث عن قصة الرياض فإننا لا نتناولها بمعزل عن عبقرية أميرها الأسبق -حفظه لله-، ذلك أن هذه العبقرية هي ما أنتجت واحدة من أذكى المدن على مستوى العالم، هذه العبقرية هي التي حددت منذ بزوغ فجر التنمية في المملكة الحاجات الملحة لتطوير المكان وفقاً لمتطلبات الإنسان وحاجاته، فكان هذا التوازن بين العامل الزمني والاجتماعي وما بين ضرورات الإنجاز هو كلمة السر ورأس الحكمة في مسيرة بناء العاصمة.
وإذ نستشهد بالرياض العاصمة، فإننا لا نتحدث عن الماضي المجرد بل نستشرف مستقبل وطن بأكمله هو أكثر نمواً وكثافة سكانية وعوامل جذب للاستثمار وتحقيقاً للاستدامة، ذلك أن المستهدف للعاصمة بحسب ما سبق وأعلنه سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو بلوغ عدد سكانها 15 مليون نسمة، ما يجعلها أحد أكبر نماذج اقتصاديات المدن الكبرى، حيث أشار سموه إلى جاهزية الرياض من حيث البنى التحتية واكتمال الخدمات ومستوى جودتها للوصول إلى هذا الهدف الإستراتيجي، وكل ذلك لم يكن ليتحقق لولا ملحمة البناء والإعمار والتشييد التي خاضها (الأمير سلمان) حينها، عراب تنمية العاصمة وباني نهضتها.
ولعلي أستخلص مما سبق أن ملحمة التنمية والتطوير والتجربة الطويلة المتراكمة في العاصمة والتي واكبتها عبقرية (الأمير سلمان) وأدارتها بحكمة ودراية واحترافية منقطعة النظير، هي ذاتها اليوم على مستوى وطن بأكمله بعبقرية (سلمان الملك) التي باتت نهج مملكة، فرأينا منذ توليه -حفظه الله- مقاليد الحكم في البلاد، نقلة نوعية في شتى المجالات وعلى رأسها المجال الاقتصادي، وتحديثاً مستمراً لهياكل الدولة ووزاراتها ومؤسساتها بناء على وضوح تام للأهداف وقراءة متأنية واستشراف دقيق لملامح الفترة القادمة ومتطلباتها في ضوء المتغيرات الراهنة.
أسأل الله جل وعلا أن يحفظ قيادتنا الرشيدة وأن يحمي بلادنا وشعبها ويديم عليها أمنها وتقدمها ورخاءها.
** **
- فهد بن عبدالعزيز العجلان