يشهد المرفق العدلي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - نقلات نوعية ساهمت في تعزيز العدالة الناجزة، من خلال تطوير منظومة متكاملة من الأنظمة والتشريعات والإجراءات انعكست على تميز هذا القطاع في تقديم الخدمات بكل يسر وسهولة، ترافق ذلك مع توظيف للتقنية بشكل فاق كل التوقعات، إلى جانب إنشاء وحدة الذكاء الاصطناعي وتفعيل تقنياته في كل قطاعات الوزارة بهدف ضمان جودة الخدمات الذكية ورفع الكفاءة التشغيلية للمنظومة العدلية والمساهمة في رفع كفاءة الفرق التطويرية والإشراف على وضع الخطط التنفيذية.
وقد نجحت وزارة العدل في الارتقاء بجودة الخدمات العدلية المقدمة وفقاً لمستهدفات رؤية 2030 بعد أن تمكنت من أتمتة خدماتها العدلية. ووفرت 120 خدمة إلكترونية يستفيد منها 70 ألف مستخدم يومياً، كما وفرت على المستفيدين عناء التنقل للمحاكم ووفرت ملايين الورق التي كانت تستخدم سنوياً لأعمال العدل في المملكة قبل التحول الرقمي التي ظهرت آثاره الإيجابية جلياً أثناء جائحة كورونا وتعليق العمل في الإدارات الحكومية حينما أكد معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني على ضرورة وأهمية مواصلة العمل لاستكمال منظومة الخدمات العدلية الإلكترونية، حيث استطاعت خلال فترة الجائحة عقد 1.5 مليون جلسة قضائية وإصدار أكثر من مليون حكم من خلال التقاضي الإلكتروني مما ميز عمل الوزارة وجعلها في موقع الصدارة في تقديم الخدمات (عن بعد ) والتي شملت منظومة خدمات القضاء والتوثيق والتنفيذ والصلح والتدريب والمحاماة وغيرها، وأغنى المستفيدين عن زيارة المرافق العدلية، من خلال منصة ناجز الإلكترونية najiz.sa التي حظيت بإشادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله - عندما أكد «أنها ساهمت في استقبال عشرات الآلاف من الخدمات العدلية الإلكترونية وإنجازها خلال دقائق».
قرارات تاريخية
ولعل من القرارات التاريخية التي شهدها عهد خادم الحرمين الشريفين، ما يتعلق بتفعيل قضاء الاستئناف، حيث تم اكتمال تفعيل قضاء الاستئناف مرافعةً وتدقيقًا في نقلة قضائية مهمة لتعزيز الضمانات العدلية الناجزة.
كما فعَّلت المحكمة العليا الاعتراض أمامها بطريق النقض الذي يعد من أهم عناصر التطور في القضاء وتعزيزًا للمبادئ القضائية وتحقيق مبدأ المساواة أمام القانون والقدرة على التنبؤ بالأحكام، كما أصدرت المحكمة العليا قراراً لتطوير المبادئ القضائية عند نظر القضايا والحكم فيها، وذلك بمراعاة الوصف الجرمي للإدانة قبل إصدار الحكم والأخذ بوسائل الإثبات كافة وألا يتضمن الحكم أو الإدانة بالشبهة.
كما يأتي أيضاً في قائمة التشريعات الجديدة التي شهدها العهد الزاهر الهادفة لتحسين الخدمات القضائية وتطوير المحاكم إقرار نظام «التكاليف القضائية» الذي يهدف إلى الحد من الدعاوى الكيدية والصورية، مما سيسهم في رفع الكفاءة القضائية.
وينص النظام على فرض تكاليف قضائية على الدعوى بمبلغ لا يزيد على ما نسبته 5 في المائة من قيمة المطالبة، بحد أعلى مليون ريال، واستثنى النظام قضايا الدعاوى الجزائية العامة والتأديبية، والطلبات المتعلقة بها، بالإضافة إلى دعاوى الأحوال الشخصية، والدعاوى التي يختص بها ديوان المظالم، وقسمة التركات، وأحكام الإفلاس، والإنهاءات.
توحيد الهوية المعيارية
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- تم تدشين أول محكمة نموذجية للأحوال الشخصية في الرياض لتطبيق النموذج التشغيلي الحديث، وتوحيد الهوية المعيارية لكل المحاكم بهدف تحسين وتطوير بيئة العمل، وذلك بعد أن نجحت الوزارة في وقت سابق في إكمال منظومة القضاء المتخصص في المملكة بإطلاق أعمال المحاكم التجارية والعمالية وهندسة إجراءاتها الذي رفع فاعليتها وقلص عدد الجلسات إلى 3 جلسات كحد أقصى للنظر في أي قضية.
واستغنت فيه محاكم التنفيذ عن الورق في تعاملاتها مع المستفيدين بعد تطبيق مشروع محاكم بلا ورق والاستغناء عنها بالخدمات الرقمية المتكاملة.
تمكين المرأة في العدل
وشهد العهد الميمون خطوات كبيرة في سبيل تعزيز حقوق المرأة كموظفة في وزارة العدل وكمستفيدة، وذلك بالعديد من القرارات التي شملت توظيفها كاتبة عدل لأول مرة في تاريخها، إضافة إلى توظيفها في 5 مجالات مختلفة كباحثة اجتماعية وباحثة شرعية وقانونية ومساعدة إدارية ومطورة برامج، إضافة إلى منح المرأة تراخيص للمحاماة والتوثيق.
ترجمة ودعم
ولضمان حصول الجميع من كافة اللغات العالمية على حقهم في الدفاع عن أنفسهم بكل دقة، فقد أنشأت وزارة العدل مركز الترجمة الموحد، وهو مركز متكامل يخدم جميع محاكم المملكة بمختلف اختصاصاتها، حيث يهدف إلى تقديم خدمة الترجمة الفورية مجاناً بـ 18 لغة، إذا كان أطراف النزاع أو أحدهم ممن لا يتحدثون اللغة العربية.
ويوفر المركز الكوادر البشرية التي تسهم في مساعدة أطراف الدعوى لتوفير خدمات الترجمة في مختلف القضايا والمحاكم بكل جودة ويسر وسهولة واختصار إجراءات التقاضي، ويتم تأهيل وتمكين المترجمين بالترجمة الطريقة الصحيحة، إضافة إلى فهم المصطلحات القضائية الدارجة في المحاكم.
وتجرى الترجمة إلكترونياً عبر الاتصال الصوتي والمرئي في قاعات الترجمة الفورية بين أطراف القضية مع المترجم الموجود في مركز الترجمة الموحد بمركز معلومات الوزارة بالرياض.
التنفيذ يختصر 5 أنظمة
ونجحت الوزارة في هذا العهد الزاهر في معالجة أكبر تحد كانت تعاني منه المنظومة والمتمثل في تأخير وتقليدية تنفيذ الأحكام وذلك بإطلاق نظام «تنفيذ» الإلكتروني في جميع محاكم التنفيذ، وذلك للارتقاء بجودة العمل ورفع سقف الإنجاز والأداء، واختصار الوقت والجهد على المستفيدين وفقًا لمستهدفات «رؤية المملكة 2030». وقد نجح النظام منذ تطبيقه مطلع العام الحالي في تخطي معدل الـ 25 ألف عملية تنفيذية في اليوم.
ومن مميزات هذا التطبيق توحيد 5 أنظمة في نظام واحد متقدم، وتوفير خاصية التنبيه الذكي لسرعة اتخاذ الإجراءات، إضافة إلى تمكين التصنيف الآلي لطلبات التنفيذ، وتجهيز القرارات آليًا، وإتاحة الربط الإلكتروني مع القطاعات الداخلية والخارجية.
مركز للتدقيق
ولتلبية متطلبات الدقة بأقصى درجاتها، فقد تم في عهد خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله-، إنشاء مركز تدقيق الدعاوى الذي يسهم في رفع جاهزية ملف القضية قبل قيدها والتأكد من اكتمال جميع المتطلبات الأساسية للدعوى قبل إحالتها إلى الدائرة القضائية، إلى جانب إطلاق مركز تهيئة الدعاوى كمنظومة تشغيلية مستقلة لتقديم عدد من الخدمات القضائية والمساندة عن بعد لمحاكم الدرجة الأولى ومحاكم الاستئناف ويعمل في المركز نحو 550 خبيرًا ومختصًا، يعملون على رفع الكفاءة التشغيلية للمحاكم ورفع جودة الخدمات المقدمة والتحسين المستمر لأداء عمليات الإسناد القضائي. وقد أسهمت هذه المراكز منذ تدشينها وحتى الآن في انخفاض مدد الجلسات القضائية في قضايا الأحوال الشخصية لوحدها بأكثر من 30 في المئة.
حقوق الإنسان
ولأن العملية العدلية شاملة لكل ما يمس حياة الإنسان وكرامته، فقد أسهمت خطوات وزارة العدل في رفع تصنيف المملكة في مؤشر مكافحة الاتجار بالأشخاص إلى المستوى الثاني، وفقًا لتقرير 2021.
وتتمثل أبرز تلك الخطوات العدلية في إنشاء دوائر قضائية متخصصة للنظر في جرائم الاتجار بالأشخاص، وتدريب القضاة وأعوانهم، وإنشاء مركز موحد للترجمة، مع إنشاء دوائر قضائية متخصصة للنظر في جرائم الاتجار بالأشخاص، باعتبارها من الجرائم العابرة للحدود والتي تستدعي التأهيل المستقل في سبيل تحقيق السلم والأمن الدولي ونظر دعاوى الطعن في أحكام جرائم الاتجار بالأشخاص من قبل دائرة مختصة في محكمة الاستئناف.
حماية أسرية
على الصعيد الاجتماعي، ركزت مختلف برامج الوزارة على حماية الأسرة، وتعزيز الترابط حيث صدر قرار بتنظيم دعاوى الفرقة ومعالجتها بالصلح أو بالقضاء خلال مدة محددة، في تحقيق غاياته بالمحافظة على استقرار الأسرة، وذلك بانخفاض حالات إثبات الطلاق.
كما صدر قرار بإضافة مادة للوائح التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية تسهم في الحفاظ على كيان الأسرة وحمايتها، وذلك بوضع آلية لمعالجة قضايا الحضانة والنفقة والزيارة قبل انفصال الزوجين بالصلح أو بالقضاء خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ الجلسة الأولى.
في السياق ذاته، هيأت وزارة العدل نحو 54 مركزًا لتنفيذ أحكام الرؤية والحضانة في مناطق المملكة كافة، ضمن مبادرة «شمل»، وذلك بالتعاون مع القطاع غير الربحي، بهدف تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لأطراف النزاع (الوالدين - الأطفال)، وحماية حقوق الأطفال المحضونين، وتهيئة البيئة الآمنة للأطفال، والتنسيق بين الوالدين ودعمهما، ورفع جودة الخدمات المقدمة، والمحافظة على خصوصية الأسر، وقد استفاد منها أكثر من 50 ألف مستفيد منذ تدشينها.
في الوقت نفسه نجحت وزارة العدل من خلال مراكز المصالحة في إنهاء أكثر من 60 ألف طلب في منازعات أسرية بطريق المصالحة قبل وصولها إلى قاعات المحاكم.
وقد أدى قرار إلزامية إحالة القضايا الأسرية ومنازعات الأحوال الشخصية لمراكز المصالحة إلى انخفاضها بنسبة 20 في المئة.
كما أطلقت الوزارة صندوق النفقة الذي عزز مفاهيم الأمن الأسري بما يضمن حصول الفئات المستفيدة على حقوقها المالية التي تكفل لها أساسيات الحياة أثناء فترة التنازع وما بعدها.