د.عبدالرحيم محمود جاموس
من كامبل بنرمان مرورًا ببلفور البريطانيين وصولاً إلى اليوم.. سياسة استعمارية غربية بريطانية ثم غربية أمريكية ثابتة ومستمرة في عدائها للعرب وللفلسطينيين.. إنها سياسة واحدة متكاملة ونكبة فلسطينية عربية سياسية وإنسانية دائمة ومتجددة.
إنها حركة الاستعمار جديدها وقديمها هدفها واحد والتغيير فيها يتم فقط في الوسائل والأساليب.. وأما الأهداف والغايات ثابتة وضحاياها أيضا ثابتة هم نحن أمة العرب وخاصة منهم الفلسطينيون.
مائة وأربع سنوات تمر اليوم على وعدِ بلفور وزير خارجية بريطانيا، وعدُ من لا يملك إلى من لا يستحق منذ 2-11-1917م.
نعم من كامبل بنرمان الوزير الأول البريطاني في 1905م إلى بلفور 1917م وزير خارجية بريطانيا.. إلى اليوم 2-11-2021م.. إنها سياسة بريطانية أمريكية واحدة، تتكامل في جميع مفاصلها ومحطاتها، وضحيتها لازالت ماثلة تصرخ في وجه القريب والبعيد، تصرخ في وجه العالم ونظامه الدولي غير العادل، إنها فلسطين المغتصبة وحقوق شعبها الصامد والمقاوم، الذي بات يربو اليوم على أربعة عشر مليوناً، إنه الشعب المقاوم والعنيد، الثابت على الحق والصامد في وطنه وفي الشتات.
النتيجة إلى غاية الآن...
إن النكبة الفلسطينية لازالت مستمرة ولازال الشعب الفلسطيني محرومًا، من حقه في العودة إلى وطنه، ومحرومًا من حقه في الحرية والمساواة، ومحروما من حقه الطبيعي في تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة أسوة بكل الشعوب، ويبقى كيان المستعمرة الإسرائيلية قائمًا متغطرسًا ليمثل آخر احتلال استيطانيٍ احلاليٍ عنصريٍ على وجهِ الأرض، يحظى بدعم الولايات المتحدة.
السياسة البريطانية لا زالت ترفض أن تعتذر للشعب الفلسطيني عن فعلتها المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني.
بل تتباهى بوعدها، وتعتبره من أهم إنجازاتها السياسية والأخلاقية وتحتفي به وبذكراه...!
اليوم تكمل المشوار الولايات المتحدة الأمريكية.
تفتخر (بريطانيا + أمريكا) وتحتفيان بذكرى هذه المناسبة السياسية، المنافية لأبسط قواعد القانون الدولي، التي لا تجيز السيطرة على أراضي الغير بالقوة والتنكيل بالشعوب وهضم حقوقها وفي مقدمتها حق الشعوب في تقرير المصير.
أهم إنجاز لسياستهما المشتركة في القرن العشرين، ما نتج عنها هو (قيام الكيان الصهيوني) المستعمرة على إقليم أرض فلسطين.. وتشريد نصف شعبها وتحويلهم إلى لاجئين، عانوا وما زالوا يعانون منذ أربعة وسبعين عامًا شتى أصناف العذاب والحرمان والتشرد والضياع في الوطن وفي المنافي المختلفة.
إنها أكبر جريمة حرب عنصرية، وأبشع عدوان اقترفته بريطانيا والعصابات الصهيونية في القرن العشرين، التي لازالت تنكر على الفلسطينيين حقهم في العودة والحرية وتقرير المصير أسوة بكل شعوب العالم. وبريطانيا لا زالت تواصل احتفاءها السنوي بوعدها المشؤوم.
الفلسطينيون يعلو صوتهم اليوم وكل يوم في وجه بريطانيا وأمريكا معا ووجه الكيان الصهيوني المستعمر البغيض، ويطالبون بريطانيا بالاعتراف بالشعب الفلسطيني وبحقوقه الوطنية كاملة من حق الحرية والمساواة إلى حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود القرار الذي يعد أصلاً جريمة جاءت لتنفيذ وعدها المشؤوم (الجريمة التوصية 181) الخاصة بالتقسيم وتنفيذ (القرار 194) الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين.. وإلزام الكيان الصهيوني (المستعمرة الإسرائيلية) بتنفيذ تلك القرارات الظالمة أصلا والباطلة شرعا ولكن كحد أدنى في هذه المرحلة التاريخية التي يمر بها العالم وتكفيرًا عن دورها التاريخي في هذا العدوان المستمر.
إن من حق الشعب الفلسطيني، كشعب له وحدة سياسية واحدة، تمثلها دولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة.. التقدم بشكوى ضد بريطانيا عن وعدها المشؤوم هذا وما نتج عن سياساتها زمن الانتداب على فلسطين من أذى وضرر وقتل ودمار وتشريد لأبناء الشعب الفلسطيني ومصادرة لحقوقه الطبيعية في وطنه.
والشكوى ضد الكيان الصهيوني، لمحاسبته على جرائمه المستمرة إلى الآن بحق الشعب الفلسطيني، واستمرار احتلاله لجميع الأراضي الفلسطينية، وما نتج عنها من أضرار لحقت وتلحق بالشعب الفلسطيني، واستمرار منعه الشعب الفلسطيني من العودة وإقامة الدولة الفلسطينية وفق قرار التقسيم 181 للعام 1947م وقرار العودة وفق القرار 194 لسنة 1948م.
إن الصلف والتجبر الصهيوني والتبجح البريطاني والدعم الأمريكي المطلق لسياسة (المستعمرة الإسرائيلية) لابد من مواجهته على كل المستويات، وفي كل المحافل القضائية الدولية ومقاضاتهم أمامها.. وأن ترفع القضايا عليهم بشكل فردي وجماعي من قبل الشعب الفلسطيني.. ومن دولة فلسطين المحتلة.
في هذه الذكرى المشؤومة نؤكد على حق الشعب الفلسطيني في استخدام كافة أشكال المقاومة والنضال، كي يضع حداً لهذه النكبة والمأساة المستمرة والمتناسلة، على يد الاستعمار وقواه القديمة والجديدة، ومولودها العنصري (المستعمرة الإسرائيلية) الذي لا يقيم وزناً للشرعية الدولية وقراراتها وقواعدها، فهو كيان مارق.
ختامًا نقول:
لن يضيع حق وراءه شعب مطالب.. والشعب الفلسطيني الذي يواصل كفاحه من أجل الحرية والعودة والاستقلال جيلاً بعد جيل لن يتوقف عن هذا الكفاح والنضال حتى يستعيد حقوقه كاملة غير منقوصة، مهما طال الأجل.. يرونه بعيدًا ونراه قريبًا وإنا لصادقون.
** **
- عضو المجلس الوطني الفلسطيني