الهادي التليلي
عندما بادرت المملكة العربية السعودية بفتح باب السلام وإنهاء فتيل الحرب اليمنية ساعتها الأمم المتحدة تحركت في حياء لأن إنهاء الحرب في اليمن قد لا يتماشى مع سيرورة مجريات مباحثات فيينا، لذلك لم يتم اتخاذ إجراءات عملية وتم الاكتفاء بمباركة المبادرة والتحية للمملكة على جهودها في السعي لإحلال السلام، ساعتها لم يكن جورج قرداحي ربما في هذه الكرة الأرضية أو في هذا المشهد الجوسياسي، وعندما تململ مركب الحوثيين باتجاه الموافقة وفق تصريحات عديد القادة الحوثيين وجاءهم الفيتو الإيراني وأتت إليهم التعليمات أن إلى الخلف در ولا مجال لإنهاء الحرب لان إيران تريدها ورقة ضغط في مباحثات فيينا، حينها أيضا لم يكن جورج قرداحي معنا في هذا العالم.
الشعب اليمني الذي أرادت له إيران أن يكون حطب ملفها النووي يعلم جيدا من أين تأتيه الخناجر ولا يحتاج تعاطفا زائفا ممرغا بالبراغماتية السياسية ومن يقفون خلف تصريحك يعلمون جيداً أنهم من أشعلوا الحرب، وهم مستميتون في مواصلتها لأنها على غير أراضيهم وتخدم مصالحهم الإقليمية وأنت تعلم جيداً أنه من آخر اهتماماتك آلام الشعب اليمني لأنك لم تهتم بآلام شعبك وأنت جزء من منظومة تردي أوضاعه وسقوط أحلام شبابه جثثا خارج كل النواميس، فلبنان التي يسميها الغرب بفيينا العرب صار ساستها وأنت منهم مرجل محادثات فيينا النووية بين إيران والعالم الغربي.
السعودية هي الداعم الأول لليمن وإيرانك هي المخرب الأول له، بل هي سبب خراب بلدك أنت لبنان الحضارة والتاريخ والجمال الذي تحول إلى بؤرة عالمية في المخدرات وأقراص الهلوسة وغسيل الأموال والفساد السياسي والمالي، ولا نتحدث هنا عن الإرهاب الذي لا يشبه شعبها ولا يشي بأي ملمح من ملامح الجمال فيها.
جورج قرداحي يعلم هذا وأكثر ولكن هو يعرف جيداً أين تكمن مصلحته الشخصية وما وجوده في منصب وزير إعلام إلا خطوة نحو تحقيق مصالحه الشخصية حتى لو كان ذلك على حساب مصالح بلده وتلك هي المأساة لأن الدخول في شأن دولتين أو محورين آخرين بعيدين عنك لا مسوغ له، إلا إذا كنت قطبا إقليميا مؤثرا أم أن شعبك يحتاج إلى وقفة أحبابه حتى يخرج من أزمته الاقتصادية، وأنت تغلق الأبواب عليه فأنت تفعل بشعبك ما لم يفعله الحوثيون باليمن، وما لم تفعله إيران بهذا الشعب الذي يعاني.
السعودية طالبة سلام وهي أهله، وأرضها منبع الإسلام فإذا كنت تسعى لإنهاء مأساة الشعب اليمني فما عليك إلا أن تغير بوصلة اهتمامك إلى من هم وراءك، وقل لهم لماذا لم تستجيبوا لبادرة السلام السعودية ساعتها لن تجد إجابة لأنك لن تتجرأ على طرح السؤال.
عندما أرى هذا المستوى من وزير في حكومة لبنان أفهم دون الحاجة إلى وسائط لماذا يعاني شعب راق من طبقة سياسية بائسة تمسك معاول الهدم وعاجزة على التفكير في البناء.