صبار عابر العنزي
اللامبالاة قاتلة الشعوب، مشتتة الأمم، فهي نتاج لهمة كسولة، وهنة ضعيفة غير مقبلة على الحياة، هي آفة تجعل من الشخص شخصًا غير طبيعي، وغريبًا أثناء الحكم عليه حيال بعض المواقف، ففي الوقت الذي يتطلب فيه الشخص أن يثور أو يغضب لموقف، أو يتعامل معه بعقلانية، سواء هذا الوضع يخص حياته الخاصة أو العملية أو العلمية، هو مستكين هادئ، يجنح للنوم والكسل..
رغم أن ما تعرض له يبعث على الإثارة أو الغضب أو يدعوه للعمل وأن ينتج وينافس من أجل البقاء إلا أنك تجد ذلك الشخص وكأنه قطعة من الثلج لا يحرك ساكنًا حيال الموقف المثير أو الذي يستدعي الغضب أو العمل...
وحسب علم النفس هي حالة وجدانية سلوكية، معناها أن يتصرف المرء بلا اهتمام في شؤون حياته، أو حتى الأحداث العامة كالثقافية أو الاجتماعية أو الرياضية إلخ، حتى وإن كانت هذه في غير صالحه لعدم توفر الإرادة على الفعل والقدرة على الاهتمام بشأن النتائج...
وهو هنا بارد الحس والمشاعر والتطلعات ومهلك لأحاسيسه، مثل الاهتمام والإثارة والتحفز أو الهوى، لأنه فرد لا يهتم بالنواحي العاطفية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، وكذلك قد يبدي الكسل وعدم الحساسية. وقد يكون هذا التصرف من جراء عدم قدرة المرء على حل المشكلات التي تواجهه أو ضعفه أمام التحديات..
إضافة إلى استخفافه بمشاعر الآخرين أو باهتماماتهم الثانوية كالطموح والآمال والهوايات الفردية أو المشاعر العاطفية المختلفة كالحب والكراهية والخصام والحسد وغيرها.. فهو لا يجد أي فرق بين كل تلك المشاعر وإن لم يبد هذا الأمر صراحة أمام الآخرين...
وقد تكون الأسباب عضوية أو نفسية أو انعكاسًا لمشاهد القتل والدمار والحروب، كل تلك الأمور تجعل الشخص غير مكترث بما ستؤول إليه الأمور كونه قد رأى من الأحداث ومن الصور ما يصعب على الذاكرة نسيانه...
مفهوم اللامبالاة أصبح أكثر شهرة بعد الحرب العالمية الأولى بسبب ما تسمى «صدمة القذيفة» حيث الجنود الذين كانوا يعيشون في الخنادق وسط القصف ونيران الرشاشات، والذين شهدوا ميادين معارك مع رفاقه القتلى والمشوهين، وجدت فيهم هذه الخاصية وشعور اللامبالاة وفقدان الحس بالتفاعل الاجتماعي...
ومن الممكن إصابة الشخص باللامبالاة كمرض نتيجة أساليب الحياة المتبعة كاضطراب النوم، أو الشعور بالتعب، أو نتيجة سوء التغذية، وعدم ممارسة الأنشطة الرياضية، إضافة إلى تأثير بعض العوامل الأخرى على الإصابة باللامبالاة، مثل: الأفكار السلبية حول الذات، وعدم الشعور بقيمتها، وتجنب الإقدام على فعل أشياء معينة خوفًا من الفشل، أو المرور بموقف مخيب للأمل، أو الشعور بالملل، أو عدم القدرة على تحقيق الأهداف...
إنها كلمة بسيطة قد تكون سببًا لكثير من الفشل واليأس، وكثيرًا ما تقود إلى انعدام الثقة بالنفس. يقول علماء النفس إن اللامبالاة هي حالة وجدانية سلوكية أي إنها تقود تصرف الفرد تجاه عمل معين، ومن أسوأ مظاهر هذه الحالة أنها تبعد الشخص عن التفكير بالنتائج والأهداف التي قد يحصدها وتعمل على اختفاء جميع أنواع الاهتمام بأي شيء وكثيرًا ما تدخل في غياب الاهتمام العاطفي...
ويرى شكسبير أن قليلاً من اللامبالاة يجعل الحياة أفضل. واللامبالاة في الحب هي شعور منتشر على نطاق واسع، وليس هناك شيء أكثر إذلالاً من وجودك أمام شخص غائب تمامًا وهو أمامك وكأنه جدار لا يخترق من اللامبالاة... ويظن الفلاسفة أن اللامبالاة هي دعم صامت لصالح الظلم فإذا كنت ذكيًا فمن المحتمل أن تشعر أن كل شيء غير مبالٍ بك.