إيمان الدبيّان
تتميز بها الأشياء، وعندما تتحقق لا يحتاج معها للآراء، إنها الهُويَّة التي تُعبِّر عن حقيقة الشَّيء أو الشَّخص الَّذي تُمَيِّزه عن غيره، فما من كائن بدون هُوية، إلا بعض البشر في هذه الأيام.
لكل إنسان هُويته المرتبطة ببيئة، ومجتمعه، ولغته تلك الهُوية التي يُعرَف بها ومن خلالها فتُحدده شكلاً، وفكرًا، وتواصلاً وإذا انسلخ منها ضاع هو، وأضاع من ينتمي له ومعه، وهذا ما نلاحظه وبكل أسف في بعض أفراد المجتمع ذكورًا وإناثًا، إن رأيتَ أحدهم تحتار للوهلة الأولى هل هذا الإنسان هو رجل أو امرأة؟ فالأول ترى شعره طويلاً، ووجه حليقًا، ويلبس من الأساور والأقراط حملا ثقيلا، بينما الآخر وهي المرأة فشعرها أقصر من طرف أذنها، ولبسها كأنه مستعار من أحد إخوتها، فتضيع الرجولة موقفا وواقعا، وتندثر الأنوثة شكلاً وحاضرًا، إن تحدثوا تَتُوه بين لغة عربية، وأخرى إنجليزية، ولهجة لا هي دخيلة ولا محلية، يتخلون عن مناسباتهم المجتمعية الحقيقية، ويتمسكون بمناسبات ليست لهم لا دينًا ولا عرفًا.
عندما تشوه الهوية تتشوه معها الذائقة، وقد تصبح السلوكيات غير لائقة، فلا يحكمها انتماء، ولا يفرق فيها بين المسلمات والأخطاء، يتعاملون مع بعضهم وإن جمعهم الاسم كأنهم غرباء، يعرفون عن ثقافة غيرهم أكثر مما يعرفون عن نفسهم.
هذا شيء من أحوال بعض أفراد المجتمع عندما غاب الوعي الأسري، و التربوي، والثقافي، فتخلوا عن كل هويتهم أو بعضا منها باسم التحضر، وجهلوا أن هذا هو التخلف، فالتحضر هو التعلم والتطور والنهوض مع كل جديد وحديث متطور ولكن مع الاحتفاظ بالهوية الخاصة التي تميزنا وتبرزنا.
مجتمعنا له هوية جميلة رائعة متميزة عن أي هوية أخرى في العالم، فقد وهبنا الله هوية دينية سمحة مع كل الأديان، وأنعم علينا بهوية اجتماعية ثرية عن غيرها من مختلف البلدان، فنسمع باعتزاز لهجات شرقية وشمالية وحجازية وجنوبية ونجدية تجتمع كلها بصيغة وطنية محلية، وتتعدد معها عادات وتقاليد ومأكولات شعبية متشابهة حينا ومختلفة حينا آخر لكنها مطلوبة ومتميزة دائما.
هويتنا تمثلنا ونحن نعبر بكل أصالة عنها، هذا هو ما يجب أن يتربى عليه الناشئة، ويغرس في النفوس والذاكرة، لنا هويتنا ولهم هويتهم نأخذ ما يناسبنا وليس ما يشوهنا، ونترك ما يؤخرنا.