حمّاد بن حامد السالمي
* الرؤية.. هي (رؤية المملكة 2030).. هي الحلم الوطني الكبير الذي نعيش بناءاته اليوم لنصل إلى: (مجتمع حيوي. اقتصاد مزدهر. وطن طموح). أما عنوان المقال؛ فهو عنوان كتاب حيوي، يبحث في: (سياقات الزمن السعودي، من تحولات الطفرة؛ إلى فضاءات الرؤية).
* الكتاب الذي أنا بصدده في هذا المقال: (الرؤية وما أدراك..)؛ صدر حديثًا لصديقنا الباحث الأديب الأستاذ: (بندر بن عبدالرحمن بن معمّر). جاء الكتاب الفريد في بحثه وطرحه؛ في 542 صفحة مقاس وسط وطباعة جيدة، وتضمن أربعة فصول تفصيلية، عرضت في مجملها لدراسات ومقالات سبق نشرها في أكثر من صحيفة، وكانت مواكبة لمناسبات وأحداث مهمة، وتدوينات ودراسات أخرى تنشر لأول مرة. بدا لي الكتاب من ألفه إلى يائه؛ وكأنه كشاف يتنقل بك في تفاصيل الرؤية الدقيقة منذ بدايات تأسيس المملكة، وما تلا ذلك من مراحل بنائية على كافة المستويات. حمل الفصل الأول عنوان: (الطفرة وما تلاها)، وعرض بعد المدخل 20 مقالة ودراسة. وجاء الفصل الثاني بعنوان: (السعودية.. مكامن القوة وأساليب المواجهة)، وضم 26 مقالة ودراسة. كما جاء الفصل الثالث بعنوان: (الأمة السعودية من جيل التأسيس إلى جيل الرؤية)، وضم 21 مقالة ودراسة، ثم جاء الفصل الرابع والأخير بعنوان: (وما أدراك ما الرؤية)، وضم 33 مقالة ودراسة. وانتهى الكتاب بخاتمة تلخيصية جيدة تتساءل: (وماذا بعد)..؟ وتم بكشافات وفهارس لتسعة مداخل في 100 صفحة، هي كتاب آخر ملحق.
* هذا الكتاب الذي جاء في وقته المناسب؛ هو من الكتب القليلة التي أخذت مني وقتًا أطول، لأني توقفت عند مفاصل فيه كثيرة شدتني. من هذه المفاصل التي تحمل دلالاتها اللغوية والتاريخية والاجتماعية والأدبية كذلك؛ ما ورد من استشهادات شعرية جلية المبنى والمعنى، وما تكرر من إشارات إلى أهمية التوثيق التاريخي الذي نفتقده في كثير من مناحي حياتنا، ومن ذلك ظاهرة عدم تدوين وتسجيل مذكرات أصحاب القرار والشأن، الذين يرحلون إلى بارئهم وكثير من الأسرار معهم. كما أعجبت كثيرًا بتركيز الباحث على أهمية الإعلام في دعم التحولات الحضارية على المستويات المحلية والإقليمية والدُّولية، وهو الأداة المهمة التي شابها القصور والفتور وما زال. كما لفت نظري دراسة الباحث عن شاعر الوطن (خلف بن هذال العتيبي)، التي جاءت في سياقها الوطني الجيد، وأتمنى على الباحث افراد هذه الدراسة في كتاب مستقل بعد التوسع فيها؛ وإيراد صور من حياته ونشاطاته، ونماذج من شعره الوطني والاجتماعي. ومثلها ما قدم من تعريف بشخصيتين وطنيتين لهما دورهما الوطني هما: المذيع الشهير بدر كريم رحمه الله، ورجل الأمن المتميز سعيد الأسمري. إلى جانب شخصيات وطنية أخرى؛ لها أدوارها الوطنية والإدارية في الحراك الحضاري والتنموي الذي شهدته هذه البلاد عبر مراحل عديدة.
* إذا أردت أن تدري وتدرك إجابات شافية كافية عن تساؤل الباحث في الشطر الثاني من عنوان كتابه: (وما أدراك..)..؟ فما عليك إلا قراءة فصول الكتاب بكل تؤدة وتمعّن. يقول لك (بندر بن عبدالرحمن بن معمّر)، في تعريف موجز لعمله التوثيقي هذا ما نصه: (أتى هذا الكتاب؛ قراءة لسياقات الزمن السعودي بفضاءاته وآفاقه وتجدده وثباته.. إنه الزمن السعودي، بمدارج رؤيته، ومنطق تاريخه، وتراتيل فصوله، وأعتاب تأصيله، وحيوية أدائه، فلقد كانت السعودية بقيادتها الحكيمة والواعية؛ هي الرقم الثابت والمتجدد في معادلات المنطقة المتقلبة والمضطربة).
* يكشف كتاب: (الرؤية.. وما أدراك)؛ ملامح من مراحل التدرج الذي سارت عليه المملكة منذ عهد المؤسس والموحد (الملك عبدالعزيز)- طيب الله ثراه- حتى اليوم. اليوم الذي نشهد فيه مرحلة الرؤية الجسورة، التي يقودها خادم الحرمين الشريفين (الملك سلمان بن عبدالعزيز)، وولي عهده (الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز). الباحث يستشهد بأطروحات وأقوال كثيرة سابقة لقادة بلادنا الكبار، ومنها: أنه قبل ستة أعوام؛ وتحديدًا في 10 مارس 2015م، قال الملك سلمان حفظه الله: (لقد أسس الملك عبد العزيز رحمه الله وأبناء هذه البلاد؛ دعائم هذه الدولة، وحققوا وحدتها على هدي من التمسك بالشرع الحنيف واتباع سنة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم، وخلال العقود التي تلت مرحلة التأسيس؛ إلى عهد خادم الحرمين الشريفين (الملك عبدالله بن عبدالعزيز) رحمه الله؛ ودولتكم ولله الحمد والمنة؛ تسير على خطى النمو والتطور بكل ثبات، من التمسك بعقيدتها الصافية، والمحافظة على أصالة هذا المجتمع وثوابته.. لقد وضعت نصب عيني؛ مواصلة العمل على الأسس التي قامت عليها هذه البلاد المباركة منذ توحيدها، تمسكًا بالشريعة الإسلامية الغراء، وحفاظًا على وحدة البلاد، وتثبيت أمنها واستقرارها، وعملًا على مواصلة البناء، وإكمال ما أسسه من سبقونا من ملوك هذه البلاد- رحمهم الله- وذلك بالسعي المتواصل نحو التنمية المتكاملة).
* من الثابت إذن؛ أن مرحلة (رؤية المملكة 2030)؛ جاءت ثمرة جَنيّة هَنيّة؛ لمراحل نهضوية سبقتها منذ عدة عقود. المملكة لم تكن دولة جامدة، بل كانت تتحرك إلى الأمام فوق براكين من التحديات الإقليمية والدُّولية. وحتى المحلية. لقد تجاوزت كل هذه الصعوبات والعقبات؛ بذكاء وعزم وحزم، حتى وصلت إلى مستويات حضارية متقدمة. مطلوب اليوم- كما أشار إلى هذا الباحث وأنا أتفق معه- العمل بكل قوة؛ على تجاوز الكثير من العقبات والتحديات (الاجتماعية والثقافية والإدارية)، لكي نصل إلى القمة بكل قوة وهمة.