د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** منذ سبعين عامًا سيتعذرُ وجودُ عملٍ تطوعيٍ في مدينته لم يُسهم به أو يكن عونًا له ببدنه أو بماله أو بخبرته أو عبر مكتبه المحاسبيّ أو من خلال التوجه لمن يستطيعُ البذلَ والمساعدة، وفي الوقت نفسه فلا يكادُ يُرى؛ مكتفيًا بالظهور الصامت من المقاعد المُساندة، وما يزال – بالرغم من أعباء السنين والوعكات الصحية – يواصل العطاء بنفسه ونفيسه في الميدان التطوعيّ مركزًا على المشروع الكبير الذي انطلق منذ أربعين عامًا بلافتة صغيرةٍ حملت اسم رائدٍ من رواد التعليم الحديث في الوطن الأستاذ صالح بن ناصر الصالح 1322-1400هـ نمتْ حتى صارت مدينةَ خدماتٍ اجتماعيةٍ وثقافيةٍ وتربويةٍ يندرُ وجودُ شبيهٍ لها بمراكزها الثلاثة : ابن صالح، وابن سعدي ، والأميرة نورة بنت عبدالرحمن.
** أصدر عنه الدكتور علي هاشم – وهو صديقٌ وشريكٌ له في العمل – كتابًا عنوانُه: (إبراهيم السبيل كما عرفتُه)، وكتب بعضَ ما فيه وعنه، وأشار إليه (جيمس بَد) في كتابه: (العاشرة والنصف عصرًا: رحلة إنجليزي من عنيزة إلى مكة) – الذي سعد صاحبكم بتقديم نسختيه الإنجليزية والعربية ومراجعتهما - وأُنشئَ باسمه مركز للوثائق في الجمعية الصالحية بعنيزة، وظلّتْ جوانبُ في سيرته تستحقُ التأمل.
** عصاميٌ بنى نفسَه بعزيمته وطموحه، وغيَّر مساره من معلم في المرحلة الابتدائية إلى مسؤول في إدارة التعليم، فرقمٍ مهمٍ في بنك التسليف، ومنذ أربعة عقودٍ وهو صاحب أحد أكبر المكاتب المُحاسبية، وفوق هذا فهو يجيد اللغة الألمانية حيث درس هناك، كما اللغة الإنجليزية، ويعتني باللغة العربية الفصحى، ويقول الشعر بالعامية، وفي أولاده أطباء وشعراء وأكاديميون.
** حين كرَّمت عنيزة الشيخ عبدالله العلي النعيم قبل عشرين عامًا – وأبو علي في السبعين من عمره المديد - ألقى قصيدةً عاميةً جميلة ً افتتحها ببيتٍ ذي مذاقٍ حواريٍ طريف:
يا بو علي يالبت عمرك ثلاثينْ
ويوقّفْ العدَّاد لا نقصْ.. لا زودْ
** لعل الذاكرة لم تُخلفْ تركيبته ليبقى المعنى متصلًا بالمسافة بين عطاء الشباب والشيوخ، وليطرحَ علائمَ استفهامٍ حول ما يقدمه الجانبان؛ أهو تكامليٌ أم تصادميٌ؟ وهل يدعمُ وجودُهما معًا المعطيات التنموية والاجتماعية أم أن المفترضَ انفصالهما كي لا يتأثر عطاءُ الحيوية بهدوء الخبرة، ولئلَّا يقف تأني الكبار عائقًا أمام توثب الصغار.
** يروى أن بعض معلمي الزمن الماضي كانوا يحيلون إلى الأستاذ إبراهيم بعض الطلبة المشاغبين فيشملهم بعطفه ولطفه ورعايته، والناتجُ استنباتُ نابهين مهذبين، وكذا ترسمُ المحبةُ أجملَ أوراقِها وأكمل إيراقِها، وبذا صار الأستاذ إبراهيم السبيّل منطقَ وصلٍ لتيسير العسير وحلِّ المُشكل.
** البذلُ ينبعُ من الداخل.