منذ انطلاق المسرح ومن بعده التلفزيون والسينما، حرص كُتَّاب النصوص في العالم على التعرّض لجميع أفراد المجتمع.
كانوا يتناولون جميع الفئات العمرية، يجسدون الشخصيات لتتنوع بين المسالمة والشريرة.
ولم يستثنى المكفوفون من الأدوار التمثيلية، إلا أن عرض شخصياتهم كان ينحصر في بداياته على الشخصيات المغلوب على أمرها
مثل فلم: Scent of a Woman
وأفلام: اليتيمتين، والشموع السوداء، وصباحو كدب.
ثم تطور عرض تلك الشخصيات لتتحول إلى شخصيات خارقة، تمتلك ما لا يملكه الإنسان المبصر مثل: فلمي
(Don’t Breathe - Daredevil) وفلم (أمير الظلام).
فقد أبرزوها إما بشكل متواضع أو بطريقة مسرفة.
وليحقق صانعوا الأفلام في هوليوود المصداقية في تجسيد الشخصيات، فقد استعانوا ببعض الممثلين المكفوفين، حيث تولوا أدوار في أفلام ومسلسلات نالت إعجاب النقاد مثل:
Kitty McGeever, Don Mahoney, Sammy brooks.
أما في الشاشة العربية، فقد برع عدد من الممثلين الذين قاموا بتجسيد شخصيات المكفوفين على سبيل المثال لا الحصر: صالح سليم، فاتن حمامة، محمود عبد العزيز، سميرة أحمد، عادل إمام، أحمد زكي، أحمد آدم. كما برز في الشاشة الخليجية: غانم الصالح، عبد الإمام عبد الله، داوود حسين، خالد أمين، حياة الفهد، وغانم السليطي.
ولكن جميع هؤلاء لم يستطيعوا تجسيد شخصيات المكفوفين بشكل واقعي مقنع، بل أن أكثرهم كان يمثل دور الكفيف بعينين مغمضتين أو لبس نظارة سوداء.
ولعل السبب في ذلك التجسيد المحدود يعود إلى أنهم لا يعرفون أن فئة المكفوفين غير متجانسة، أي أن درجة العجز البصري لديهم، لا تجعلهم متشابهين.
فالغالبية العظمى من المكفوفين لديهم بقايا بصرية تمكنهم من التعايش في بيئاتهم المألوفة باستقلالية.
كما أن سمات شخصية الكفيف الذي يصاب بكف البصر منذ الولادة تختلف عن تلك التي تصاب بالعجز البصري في سن متقدمة.
كل تلك الاختلافات تجعلهم يتمايزون من حيث: تحركاتهم، وتعابيرهم ولغة الجسد لديهم، هذا بالإضافة إلى طريقة التواصل مع الآخرين.
ولو أن المخرجين استعانوا بالمكفوفين أنفسهم لتجسيد شخصياتهم، لكان تأثيرهم في الحبكة التمثيلية أبلغ.
ولعلنا نستشرف المستقبل بإشراك المخرجين العرب والخليجيين لممثلين مكفوفين يقومون بأدوار تمثّل واقع المكفوفين وتنقل الصورة الصحيحة التي يعيشونها في مجتمعهم.
** **
- أنور حسين النصار