اعتدنا من بوابة الحدود الشمالية من عرعر الحبيبة أن نعرف حالة وتغيرات الطقس والمطر والثلج والربيع ومواسم الخزامى والكماة.
هذه المرة فاجأنا نادي الحدود الشمالية الأدبي بمطاردة الغزالة الجميلة (قصتنا القصيرة).
هذه الغزالة التي تعرفنا عليها منذ طفولتنا من حكايات ألف ليلة وليلة وكامل كيلاني وأساطير عبدالكريم الجهيمان الشعبية، وأصبحت مطاردتها سباقًا جميلاً وممتتعًا وليس له خط نهاية.
أحسن نادي الحدود الشمالية الأدبي وبالتعاون مع عراب القصة القصيرة والقصيرة جدًا والرواية خالد اليوسف بجمع أكثر من 80 قاصًا وناقدًا من كتاب القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا في ملتقى مسائي عبر الفضاء الإلكتروني ويجمع شتات كتاب القصة ونقادها عبر أجيال السبعينات والثمانينات والتسعينات والألفية الثانية حتى كتابها المعاصرين بكل اتجاهاتهم الفنية ورؤاهم وألوانهم القصصية وتقنيات القص والسرد التقليدية والرومانسية والحداثية وما بعد الحداثية وخلال 6 أسابيع متواصلة.
في الأسبوع الأول جاءت الجلسات في ثلاث ليالي: الليلة الأولى كنا على موعد مع سرد تاريخي وتحليل فني لبدايات وتحولات القصة من قبل كاتبين وناقدين وأكاديميين هما الحسنان: حسن النعمي وحسن الحازمي في عرض تاريخي ونوعي جميل، حيث تابعا رحلة الغزالة الجميلة منذ بداياته حتى عصرنا الحاضر.
وفي الليلة الثانية جاءت عن ترجمة القصة القصيرة وتحدث بها ثلاثة من مترجمي القصة وبعض مترجميها وكتابها وهم د. مرتضى عمروف، ود. عبدالله الطيب، والأستاذ القاص خلف القرشي، والأستاذة نادية خوندة، وعرَّفونا على بعض تجارب القصص السعودية القصيرة المترجمة إلى اللغة الإنجليزية والروسية ولغات أخرى، وكانت جلسة ثرية.
وفي جلسة الليلة الثالثة كان بطلتها الحكاية في القصة القصيرة، وشارك بها كل من القاص الأستاذ محمد ربيع الفامدي والدكتور الناقد والكاتب عبدالعزيز الطلحي والأستاذة الناقدة فاطمة البلوي، وتحدثوا عن تجاربهم في تضمين الأساطير الشعبية في قصصهم وقراءة لقصص أخرى تداخلت معها الأساطير الشعبية في بعض الأعمال القصصية السعودية.
أما الجلسة الرابعة فخصصت ليلتها للقصة القصيرة في فضاء الإنترنت، ساهم فيها كل من القاص الأستاذ جبير المليحان مؤسس شبكة القصة العربية والقاص الأستاذ خالد اليوسف مؤسس نادي القصة القصيرة السعودية في الإنترنت، والأستاذ هاني حجي والأستاذة مريم الحسن وهما قاصان ساهما في تطوير القصة القصيرة والسرديات من خلال الوتس آب ومواقع الإنترنت وتفاعل الكتاب والقراء مع تجربتهما الناجحة.
وفي ليالي الأسبوع الثاني كنا على موعد مع تجارب كتاب القصة الأوائل والمخلصين. في الجلسة الأولى خصصت لتجارب كل من الأستاذ محمد علي علوان والذي اعتذر لظروفه، والأستاذ عمر طاهر زيلع، والقاص الأستاذ محمد علي قدس والقاص الأستاذ خليل الفزيع وهم من رواد القصة القصيرة في السبعينات، تحدثوا عن بداياتهم ومحفزات القص لديهم والمؤثرات الأدبية في اتجاههم لكتابة القصة ونماذج من قصصهم.
وفي الجلسة الثانية خصصت لكتاب القصة المخلصين وجميع كتاب القصة هم مخلصون، شارك فيها أربعة كتاب قصة يمثلون ثلاثة أجيال كل من: محدثكم وأمثل جيل السبعينات والأستاذ عبدالله ساعد ويمثل جيل التسعينات والقاصة الأستاذة فوزية الجارالله وتمثل جيل الثمانينات والقاص الأستاذ أحمد قاضي ويمثل جيل التسعينات والألفية الثانية.
تحدث المشاركون عن بداياتهم القصصية وتجاربهم مع القص والمؤثرات الأدبية والقرائية وتجاربهم في كتابة القصة ومجموعاتهم القصصية وظروف النشر والتوقف عن الكتابة القصصية، وكانت جلسة ثرية لعرض تجارب قصصية متنوعة عبر مراحل كتابية متنوعة.
وفي الليلة الثالثة استمر الحديث من الكتاب المخلصين، شارك بها كل من القاص والناقد أحمد بوقري والقاصة د. هيفا الفريح، والقاصة والمسرحية د. وفاء الطيب، عرض أحمد بوقري تجربته وبداياته في القصة وتحدث عن رؤيته النقدية المتميزة، وتحدثت القاصة هيفا الفريح عن بداية تجربتها القصصية والمؤثرات الثقافية والقصصية عليها، وأشارت إلى خوفها من نقد ذاتها وعدم طباعة أعمالها القصصية، ثم تحدثت القاصة وفاء الطيب عن بداية تجربتها القصصية ومشوارها الأدبي مع مجموعاتها القصصية وميولها للمسرح وتجربتها الناجحة فيه وحبها للفنون الأدبية والمسرحية والموسيقية. وكانت جلسة متنوعة وثرية في تجارب المتحدثين الثلاثة وتفاعل المشاركين في الجلسة.
خالد حارس الغزالات والظباء والمها
القاص والروائي خالد اليوسف مدير الملتقى كتب ووثَّق تاريخ الغزالة الجميلة، شارك في مطاردتها ومطاردة كتابها في كل المدن، حفظها وجعل لها مرتعًا في منزله وعمل لها واحات واستراحات ثم عمل لها محمية واسعة تتسع لمئات بل آلاف الغزلان، وما زال يرعاها ويحميها ويوثقها. خالد لم يعنى بالغزالة وحدها، بل اهتم بالظبية الصغيرة جدًا واهتم بها مع كوكبة الظبية الصغيرة جدًا، ولم يكتفِ بالغزالة والظبية الصغيرة بل أضاف لهما المهاة الكبيرة، رعاها وكتبها ووثقها، وأضافها إلى محميته الواسعه لترتع وتكبر وتشتهر خارج نطاق المملكة إلى العالمية، وما زال يرعاها ويحفز محبيها وجعل لها سباقات عديدة.
شكرًا للأعزاء بنادي الحدود الشمالية ماجد المطلق وحمدان العنزي وفريق عملهما وخالد اليوسف على جهودهم، أنهم ينثرون الجمال القصصي، كما ينتثر المطر والثلج في مواسمه في عرعر وطريف ورفحا بوابات حدودنا الشمالية الغالية.
مطاردة الغزالة الجميلة مستمر...
** **
- ناصر العديلي
Chmq2012@gmail.com