(1)
مِنْكُنَّ نادى أنْ يُقادَ لسَجْنِهِ
ما حِضْنُهُ دِفْءٌ كضَمّةِ حِضْنِهِ
لكِنَّهُ نُورُ النُّبُوَّةِ كُنْهُها
بكُمونِها تُذْكي صَفاوَةَ يُمْنِهِ
أمّا فَعائلُكُنَّ في أمْثالِنا
فبِقَدِّ قَلْبِ المُبْتَلى وبسَحْنِهِ
تطْرَبْنَ للآهاتِ مِن أوْتارِهِ
فيَدُسُّ زَهْوُ العُودِ أرْوَعَ لَحْنِهِ
وتَطَأْنَ أفْوافَ المَشاعِرِ رَيْثما
يُنْهي الحَديدُ حَديثَةُ لمِسَنِّهِ
حتّى إذا اكْتَمَلَتْ طُقوسُ الغَدْرِ لم
تَتْرُكْنَ بَوْحًا لا يسيلُ بطَعْنِهِ
ولَقَدْ رَوى عَنْكُنَّ دَهْرٌ طاعِنٌ
ولَقَدْ شَكَكْنا طَعْنَةً في سِنِّهِ
ولَقَدْ نَدِمْنا بالفَواتِ ولَيْتَنا
كِلْنا الضَّنِينَ بكَيْلِهِ وبوَزْنِهِ
(2)
لا السِّجْنُ يشْفي هلْ يُعيدُ مَلاعِبي
وشبابُ حَظّي ضائعٌ في غَبْنِهِ
إنّي جَرَرْتُ مِنَ الضُّلوعِ رَبابَتي
فتَنَبَّهوا عُشّاقَهُنَّ لأنِّهِ
لوْ كادَتِ السِّكِّينُ تَلْمِسُ أنْمُلاً
حالَ الفُؤادُ بما يُحِسُّ بكِنِّهِ
أوْ هَبَّتِ الكِذْباتُ قُلْتُ كعارِضٍ
تُحْيي مَواتَ الوَصْلِ نَفْخَةُ مُزْنِهِ
أوْ كانَتِ الدُّنْيا قِفَارًا أقْبَلَتْ
رَوْضًا يَهيمُ الرَّوْضُ فيه بحُسْنِهِ
كَهُيامِ والِدِهِ وقد كادَتْ لَهُ
فقَضى عِجافَ حَياتِهِ في بَيْنِهِ
(3)
ماذا أقولُ لَهُ ومِيزانُ الهَوى
جَوْرٌ وقاضي الوالِهِينَ لظَنِّهِ
ومَعَ اعْتِرافي لم أجِدْ لِي مَلْجَأً
بدُنُوِّهِ أوْ هَمْسِهِ أوْ عَيْنِهِ
حتّى كأنّي في الحَقيقةِ مُذْنِبٌ
وبَلاغَتي ذابَتْ بحَضْرَةِ زَيْنِهِ
وأنا البَريءُ كذِئبِ يوسُفَ إنّما
هِيَ تُهْمَةٌ ما حَرَّكَتْ في كَوْنِهِ
لو أنَّهُ مِن كَيْدِها لأتَتْ بِهِ
مِن قاعِهِ في العُدْمِ أوْ مِن قُنِّهِ
(4)
وسِوايَ مَرَّ عَلى الجَمالِ وإنّني
فيهِ غَرِقْتُ بسُمِّهِ وبسَمْنِهِ
ما يُدْرِكُ العُشّاقُ فيهِ مَدارِكي
ألْهَتْهُمُ كَأسٌ وغِبْتُ بدَنِّهِ
وسَكِرْتُ لكِنْ في العَذابِ وما مَعي
صَدْرٌ يَقي ضَرْبَ الهَوى بمِجَنِّهِ
أناْ لَوْحَةُ التَّجْريبِ ما اكْتَمَلَتْ لكَي
أرْتاحَ كَيْفَ وهُنَّ ريشَةُ فَنِّهِ
** **
د. عبدالرحمن بن صالح الخميس - الرس