انتشر في الآونة الأخيرة خبراً عن الصين بأنها قامت بتجربة لصاروخ أسرع من الصوت بخمس مرات، لمحاربة أي اعتداء عليها من قبل أي دولة كانت، وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا الخبر كان باعتبار صاعقة كبيرة لدولة مثل أمريكا بأنها ذُهلت من هذا الصاروخ وقدراته وحمله أسلحة غير تقليدية (نووية). الجميع يعلم أن الصناعات الصينية هي عبارة عن نخب سواء كان نخباً أول أو ثانياً أو ثالثاً، وكثير منا يعتبرها بضائع استهلاكية، لكن إستراتيجية الصين في الصناعات واضحة تماماً، عندما انتشر هاتف هواوي، حقق نجاحاً هائلاً نظراً لما يحمله من تكنولوجيا متطورة أكثر من أي هاتف آخر، ولكنه ليس بكفاءة الماركات العالمية طبعاً، هذا على سبيل التكنولوجيا الصينية، فجميع مستلزمات المواطن اليومية لا تخول من بضائع صنع في الصين، وهذه حقيقة فبضائعها منتشرة في جميع دول العالم.
عندما أعلنت روسيا أنها قامت بتجربة صاروخ أسرع من الصوت قبل فترة من الزمن، كان ما كان من ردة فعل أمريكية لهذا الصاروخ والاحتجاج عليه، وكان قد قلب موازين القوى بين دولتين كبريين مثل روسيا وأمريكا، والصاروخ الصيني الجديد كان له أثر أقوى من الصاروخ الروسي.
هل نحن الآن على أعتاب حرب نجوم جديدة في هذه الألفية، فكل دولة لها حساباتها بطريقتها، والكل يعلم بأن هناك اتفاقيات دولية على عدم امتلاك مثل هذه الصواريخ لأي سبب كان، والجميع موقع عليها، لكن الصين كدولة صناعية ما تظهره هو الصناعات المدنية وليس العسكرية، وجاء هذا الإعلان بعد الانسحابات الأمريكية من أفغانستان وتركيزها في قبالة بحر الصين، تم إطلاق هذا الصاروخ وهو يحمل رسائل للولايات المتحدة الأمريكية بأن كل قوة عسكرية مقابلها قوة عسكرية مضاهية لها.
الشغل الشاغل عند أمريكا هذه الفترة هو الصاروخ الصيني التجريبي وطريقة صنعه والمواد المستخدمة في صناعته، وأي جسم يسير بهذه السرعة يتحول إلى طاقة وقابل للاشتعال نتيجة اصطدامه بالغلاف الجوي، وهل يصلح في المستقبل أن يكون لأغراض سلمية وليست عسكرية؟ إذاً السنوات القادمة مهمة جداً لمعرفة حقيقة هذا الصاروخ والمواد المصنع منها.
الصين قامت بتجربة صاروخية فريدة ومميزة وغريبة في نفس الوقت بالإعلان عن مثل هذا الصاروخ، وهذا نابع عن كتمان تام في الصناعات العسكرية الصينية، بشكل متقن جداً وكان له الأثر الكبير والعالمي من رد الفعل الدولي ووضع دول عظمى مثل أمريكا وغيرها في خانة لا خيار لهم سوى الامتثال للإرادة الصينية بالقوة العسكرية.
في هذه المرحلة نستطيع القول إن التنين الصيني بدأ يلعب لعبته بشكل واضح وجلي، وبدأ يعلن عن صناعات عسكرية قوية وغير متوقّعة، كي يؤمّن طريق الحرير الذي يسعى إلى تأمينها من أي عدوان عليها من أي دولة كانت، والأسئلة كثيرة هذه الفترة عن التطور العسكري الصيني، وهل حلفاء الصين سيصبحون قاعدة لمثل هذه الصواريخ مثلاً؟ وخصوصاً الدول القريبة من أمريكا مثل كوبا أو فنزويلا؟ أو غيرهما من الدول التي تعاني من السياسية الأمريكية، فهذا الإعلان من قبل الصين قلب موازين القوى تماماً.