د. أحمد محمد الألمعي
من المعروف في علم النفس خواص الشخصية السيكوباثية، التي تفتقر إلى أي إدراك لممارستها الإجرامية وتأثيرها في المجتمع ومن حولهم. وتشمل إنكار أي أخطأ أو سلوك يرتكبه من يعاني هذه الشخصية، وسوق المبررات المختلفة لسلوكه مثل الادعاء أن هذه ممارسة شائعة ومقبولة على الرغم من كونها خاطئة بشكل واضح قياسًا بالضوابط المجتمعية والدينية، وإنكار أن يكون لهذا السلوك أي تأثير سلبي، لا بل يرى كل من يعاني هذا النوع من اضطراب الشخصية نفسه أنه مضطهد ومظلوم، ويقوده هذا الإحساس الذي لا يشاركه أي شخص آخر من مجتمعه فيه إلى مهاجمة كل من ينتقده أو يشير إلى خطأ سلوكه الذي قد يشمل السرقة والتحايل والكذب والخيانة، ويجد لهذا السلوك المبررات التي لا يتقبلها أحد غيره لا بل يرى نفسه في دور القائد المصلح الذي يصحح الأخطاء وينتقد غيره لارتكاب نفس السلوكيات التي يمارسها. وقد يرتكب هذا الشخص المصاب بالسيكوباثية أعمال عنف وينتقد غيره، بل نراه يذرف دموع التماسيح إمعانًا في التضليل ورغبة في اكتساب دعم العامة ممن يسهل خداعهم باستخدام العواطف الكاذبة وتمثيل دور الضحية بينما الحقائق لا تدعم هذه الادعاءات. فهذا الشخص لا يمكنه أن يرى أي مشكلة في الإمعان في تمثيل هذا الدور الذي قد يكون رسم له من قبل مختصين معادين، لأنه يبرر ذلك لنفسه بأشكال مختلفة في أغلبيتها تمثل أسلوب تفكير مضطرب وشاذ عن تفكير كل من حوله وهو يفتقد للإدراك بخطأ هذا التفكير والسلوك.
ودون الاستفاضة في وصف الشخصية السيكوباثية وغيرها من اضطرابات الشخصيات المدمرة،التي شاهدت لقاء المدعو سعد الجبري يمثلها على برنامج 60 دقيقه الأمريكي، ويتفق معي الكثير من المحللين بأن اللقاء كان تمثيلية معدة سلفًا بجميع تفاصيله بما في ذلك التركيز على نقاط معينة أغلبيتها ادعاء المظلومية والاضطهاد، التركيز على استخدام كلمات معينة تستجدي عواطف المشاهد مدعومة بدموع التماسيح واستخدام سيناريوهات معروفة في علم النفس تم استخدامها من قبل شخصيات سابقة في التاريخ بهدف واضح، هو الظهور في دور الملاك الطاهر المثير للضحك، فالجميع يعرف أن أمثال الجبري ليسوا أشخاصاً مرهفي الحس بعواطف جياشة تدمع أعينهم تأثرًا من المواقف الإنسانية إلا إذا وجدوا أنفسهم في مأزق وليس هناك مخرج منه سوى التمثيلية الهزلية التي رأينا الجبري يقوم هو ومن لقنه من عملاء استخبارات وغيرهم بإخراجها مع الأسف، وكان اللقاء مثيرًا للضحك والسخرية بشكل واضح، فالجبري ممثل سيء ويفتقد للمصداقية ولا تدعم الحقائق القانونية ادعاءاته، ولا يجد أي تعاطف من المجتمع السعودي المحب والمؤيد لقيادته الحكيمة. فالممثلون الرديئون أمثال الجبري يفتقدون للوعي والضمير الذين يميزون الشخص العادي، الذي من المفترض أن يتردد عدة مرات قبل ارتكاب الاختلاسات والتحايل واتهام الآخرين بها، والأدهى من ذلك القيام بادعاءات مبالغ فيها تذكرني بأسلوب وزير الدعاية النازية الألماني جوبلز، من مبدأ أن كلما بالغنا في الكذبة وكررناها فإن هناك احتمالا كبيرا أن يصدقها العامة من السذج والمغرضين.
كأطباء نفسيين نعرف أن علاج من يعانون اضطراب الشخصية السيكوباثية أمثال الجبري صعب، ويتطلب مشاركة مختصين في هذا المجال وعلاج نفسي وإعادة التأهيل لمدة طويلة، وهدف العلاج هو مساعدتهم على تطوير نوع من الإدراك والوعي الذاتي بخطأ ممارساتهم المعادية للمجتمع، والبدء بتغيير التفكير والمفاهيم من خلال جلسات العلاج السلوكي والتدريب، وقد يشمل التأهيل النفسي إجراءات قانونية للتعامل مع السلوك الإجرامي مثل السرقة والاحتيال والممارسات الأخرى المدمرة للمجتمع ولمن حولهم، فيجب أن يدرك أمثال الجبري وجود عواقب لسلوكياتهم المدمرة فيكون ذلك رادعا من ارتكاب سلوكيات إجرامية مستقبلاً.