سلطان سعود السجان
تحدثت مديرة البحوث في مركز الإدارة المحلية السعودية بأن عدد المراكز الفكرية في السعودية محدود جداً، وأن دولتين فقط في منطقة الشرق الأوسط تتميزان بكثرة المراكز الفكرية مقارنة بدول العالم، وهما عمان وليبيا، ولو قارنا عدد المراكز الفكرية في العالم العربي كله فإنه لا يصل إلى 1 % من عدد المراكز الفكرية في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي وصلت إلى 1835 مركزاً فكرياً أو ما يطلقون عليه Think Tank Centers.
سأضع بين أيديكم ولحضرتكم حديثي هذا نظراً لأهمية مراكز الفكر لتفعيل الحوكمة في القطاع العام، لما من مراكز الفكر من أدوار فعالة في رفع كفاءة عمليات صنع القرار ثم رفع جودة الخدمات المقدمة من الجهات الحكومية لأصحاب المصلحة وعلى رأسهم المواطنون.
مراكز الفكر أو كما يطلق عليه في جميع أنحاء العالم بـ Think Tank عبارة عن معاهد صنع السياسات العامة لقطاع ما، مثل القطاع النفطي أو القطاع السياحي أو العقاري، وما يميز هذه المراكز الفكرية هو قدرة جميع المختصين والباحثين للوصول إلى البيانات أو المعلومات المساعدة في تقديم بحوثهم الأدبية والفكرية لمراكز الفكر وإمكانية مشاركتها بدون قيود مع صناع القرار في القطاع المحدد من أجل الاستعانة به لصنع واتخاذ ثم تفعيل قراراتهم.
الاحتياج إلى مراكز الفكر سيدعم صانعي القرار في القطاعات الرئيسية في المملكة بالإلمام بأهم وأحدث الدراسات العلمية والعملية في القطاع المعني، وكذلك سيعين منفذي القرار على تفادي المخاطر المتوقعة وتحديد العناصر المعينة لتجاوز التحديات للإستراتيجيات التي تم تطويرها من متخذي القرار في القطاع المذكور.
لن أتحدث كثيراً في فوائد مراكز الفكر ولكن ما يهمني كمختص في الحوكمة هو أن مراكز الفكر ستساهم في عملية مشاركة أصحاب المصلحة في صناعة القرار ورفع مستوى عنصر المسألة كإحدى ركائز الحوكمة الأساسية.
دور الجامعات السعودية في هذا المجال كبير ومهم ولكن الأهم - من وجهة نظري الشخصية - هو دخول وتبني معهد الإدارة العامة السعودي في تطوير وحوكمة وإدارة مراكز الفكر السعودية. لم يكن طلبي من فراغ بل هو مبني على ما تميز به المعهد من ميزات قانونية واعتبارية وخبرات قد لا تمتاز بها المؤسسات الأكاديمية في الدولة. فمثلاً، يستطيع معهد الإدارة العام الإسهام في التنظيم الإداري للقطاع العام في المملكة، وكذلك دوره كمستشار لجميع الجهات الحكومية في معالجة المشكلات الإدارية التي تستقبلها منهم، بالإضافة إلى توفير البحوث المتعلقة بالإدارة وتوثيق الروابط الثقافية في مجال الإدارة العامة. هذه المهمة لم يتم إسقاطها على أي جهة حكومية إلا معهد الإدارة العامة السعودي، إذاً هم أولى الناس بحوكمة وإدارة المراكز الفكرية في السعودية.
الحديث هنا ذو شجون ولكن الحديث محصور بسبب محدودية خبرة القطاع العام في المملكة في هذا المجال، ولذا أطلب من قرائنا الأفاضل العفو والسموحة، ولعل القادم من الأيام يأتي بالجميل لأهل الجمال إن شاء الله.
وتحياتي.