عثمان أبوبكر مالي
أتعاطف كثيرًا مع العديد من اللاعبين النجوم والدوليين في كرة القدم الذين تلاحقهم (تهمة) تفاوت الأداء والمستوى في المباريات ما بين المحلية منها والدولية دون النظر إلى الأسباب والمؤثّرات والظروف التي تحيط باللاعب، وتلعب دورها في وضعه الفني وتركيزه والأداء الفردي وحتى الجماعي، فيأتي (أحياناً) مختلفًا ما بين النادي والمنتخب، فيُقال هذا لاعب ناد وذاك لاعب منتخب(!).
الغالبية من القراء سيتبادر إلى ذهنهم أسماء لاعبين كبار أطلقت عليهم هذه المقولة، بعضهم صنفوا (أساطير) عندما علّقوا قمصانهم، لكن تستمر التهمة تلاحقهم بين وقت وآخر، وقد لا تكون صحيحة.
أزعم أن الفيصل في أداء بعض اللاعبين (الموهوبين) هو (التعامل) الذي يجده اللاعب، والكيفية التي يتم بها تهيئته وتجهيزه للمباراة، وهو ما يُعرف بالإعداد النفسي الذي يقوم به المسؤول، سواء كان الرئيس أو المشرف على الفريق (في السابق) أو ما يُسمى حالياً (المدير التنفيذي) ومدير الفريق.
ولا شك في أن المعالجة للمواقف تختلف من شخص لآخر، على الأقل من باب (التخصص) فلا يمكن أن تأتي بشخص كل مؤهلاته أنه كان (مرافقًا) ولم يلعب كرة القدم، ولم يرتد بدلة رياضية في حياته، وتطلب منه أن يكون صاحب استطاعة وتعامل وقدرة مع لاعبي كرة القدم، ويشبه أو ينجح مثل آخر في نفس منصبه في فريق آخر، وذلك الآخر كل حياته قضاها لاعب كرة، مرت عليه الكثير من الأوضاع والحالات والإشكاليات والمعالجات وصنع المبادرات والاحتواء والقرارات، من قبل رؤساء ومدراء ومدربين، عرف من خلالها كيفية التعامل مع المواقف والتصدي لها بعد أن أصبح مسؤولاً.
هناك الكثير من الأمثلة التي يمكن ذكرها تقرِّب وتوضح الصورة وما أقصده جيدًا، وسأذكر مثالاً واحدًا للاستشهاد، من حالة عشتها تمامًا، وأطرافها (أحياء يرزقون) واترك (التفسيرات) والوصول إلى المراد (مفصلاً) لفطنة القارئ وذكائه.
في موسم 2017م كان فريق الاتحاد (ينافس) بقوة في (دوري المحترفين السعودي)، وكان يقدِّم مستويات كبيرة، بمحترفيه الأربعة الأجانب (أحمد عكايشي ومحمود كهربا وفيلانويفا وفهد الأنصاري) واستطاع أن يتصدر الفرق في الدور الأول ويحقق لقب (بطل الشتاء) (قبل أن يتراجع بعد أن تم خصم ثلاث نقاط من رصيده بسبب خطأ معروف) ومع تنافسه بقوة مع الهلال استطاع الفوز عليه في الدور الأول في ملعب الدرة بالرياض، رغم ظروف النقص قبل المباراة، بغياب (هدافه) بقرار إداري (شجاع) من رئيس النادي، والقصة تعود إلى أن عكايشي تأخر في العودة بعد أن ذهب إلى منتخب بلاده أيام «الفيفا»، وعاد قبل المباراة بثمان وأربعين ساعة، فأراد مدرب الفريق (التشيلي) سييرا إشراكه فيها، وطلب من الجهاز الإداري (قطع تذكرة سفر) له ليغادر مع المجموعة، وهنا تدخل رئيس النادي ورفض إشراك اللاعب، بل رفض حتى سفره إلى الرياض، مما أغضب المدرب وكانت وجهة نظره (إنني قد احتاج اللاعب على دكة البدلاء حتى لا نخسر ويغضب الجمهور والإعلام)، لكن رئيس النادي قال له بالحرف الواحد، (لا نحتاجه حتى إذا خسرنا، أخسر مباراة ولا أخسر فريق) وبالفعل ذهب الفريق مهيئاً بلاعبيه (الهرماس) واستطاع أن يفوز على الهلال بهدفين سجلهما لاعبان شابان هما (أحمد عسيري والعرياني) بفضل حنكة رئيس النادي.. ذلك الرئيس كان المهندس حاتم باعشن.
كلام مشفَّر
* يلعب التعامل الإداري (الشخصي والنفسي) الذي يجده اللاعب -أي لاعب- والتهيئة التي يوضع فيها دورًا كبيرًا في أدائه ومستواه وتأثيراً مباشراً فيما يقدمه وفي ظهوره وما يفعله ولا يمكن أن تحاسب لاعبًا على ردة فعله في منأى عن الظروف التي تدفعه إلى ما يصدر منه.
* المواقف التي تحدث لبعض اللاعبين في الأندية وتعامل المسؤول الإداري أو مجلس الإدارة معها تؤثِّر بشكل أو بآخر على (العلاقة العامة) للاعبي الفريق وبين أجهزته الفنية والإدارية، ولا يمكن لـ(وجبة عشاء أو جلسة مقهى) أن تصلح ما أفسده سوء التعامل والتفريق في المعاملة والكيل بمكيالين.
* تحدثت عن الارتفاع المبالغ فيه في تذاكر مباراة الاتحاد أمام الشباب من قبل إدارة النادي فعرَفت الخطأ وتراجعت عنه، وأثبتُ بمقطع فيديو (طرد) وسوء التعامل مع أولياء أمور اللاعبين في برنامج اكتشاف المواهب ومنعهم من الحضور مع أبنائهم وأحفادهم، وكان واضحًا فأصلحته الإدارة في اليوم التالي، فقط أقوم بواجبي كإعلامي (وسأستمر إن شاء الله) ولا عزاء لمن لا يعرفون ولا يفرِّقون بين الإصلاح بالنقد والتطبيل بالقلم.