م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - هناك من يرى أن الروايات نوع كمالي وليس أساسياً في باب الآداب الإنسانية.. وأنه لا فائدة من قراءتها فهي للتسلية وإزجاء الوقت وتضييعه.. مما يجعلها بمكانة دون مكانة الشعر والفكر وأبواب الآداب الأخرى.
2 - وينسى الشانئون على قراءة الروايات أنه لو لم يكن لها سوى إراحة النفس وتسليتها من الملل أو الاكتئاب أو الانشغال بها لكفاها.. كما أن للرواية أهميتها في تعويد النفس وتشجيع الناشئة على القراءة.. ورفع لياقة القراءة لدى القراء المنقطعين عنها.. فلا أحد يحب القراءة في المعاجم والموسوعات والأبحاث الرصينة العميقة التي لا يقرأها سوى الباحث المضطر المحتاج.. أما الروايات فهي متعة ينشدها الجميع.
3 - الرواية لا تعرض الحقائق، ولا تستكشف المفاهيم، ولا تستنتج الأفكار، هي فقط تعرض المفرد العابر الصغير الحسي المُصَادَف.. كما تعرض المشاعر الطارئة والعواطف والانفعالات مع الكثير جداً من الخيال.
4 - يجادل كتَّاب الرواية في أنها تملك طابعاً معرفياً من منطلق أن الأدب هو أول العلوم الإنسانية.. ويقر علماء الاجتماع أنها تقدم صورة للعلاقات الاجتماعية أو تعبر عن هواجس النفس البشرية.. كما أن فلاسفة الأخلاق يرون أن للرواية جانباً تربوياً.. فالروايات لديها قدرة على إظهار ما تخفق الفلسفة في إثباته.
5 - يعرف الأستاذ حسن النعمي الرواية على أنها نص موازٍ للواقع.. تأخذ منه بقدر ما تعيد إليه من أسئلة وافتراضات واستجوابات.. فالرواية تشتغل على مكونات الصورة المهمشة فلا تكتب الرواية عن المنجز أياً كان قدره أو عظمته لكنها تشتغل في منطقة الانكسار رغبةً في تغيير مكوناته.. وإذا كان الواقع اعتباطياً في تكوينه غرائبياً في حوادثه فإن الرواية عكس ذلك فهي منطقية.. وهي ذاتية لأنها تنطلق من منظور كاتبها.. وهي حوارية لأنها تدفع بقارئها لاعتقاد ما يراه هو لا ما يراه كاتبها.
6 - الرواية تتغذَّى في وجودها من التحولات التي تصيب المجتمع.. كما تتغذَّى من هامش الحركة التي يسمح بها المجتمع للروائي أن يبحر خصوصاً في المناطق المحرَّمة أو المسكوت عنها.. فالروائي ما هو سوى عين تلتقط وتشكِّل وتخلق عالمها الذي يسعى إلى التنوير.
7 - في عالم الرواية يخلق القارئ محاكاة ذهنية حيَّة للأصوات والإيحاءات والأشخاص والحركات الموصوفة في الرواية.. ويستوعب القارئ من زاويته إيحاءاتها ويصدق أدلتها وبراهينها.. بل ويدافع عنها إذا انجذب إليها.