رمضان جريدي العنزي
اختر صديقك بدقة متناهية، صاحب النبيل المخلص الصادق الوفي، أهل الهمة العالية، والنفس العظيمة الأبية، والعقل الراجح، والبصيرة الثاقبة، والحكمة البالغة، إذا حدث صدق، وإذا وعد أوفى، وإذا أؤتمن لا يخون، الذي لا يحب اللف ولا الدوران، ولا يجيد حبك الحكايا الواهية، والقصص الكاذبة، والبطولات الزائفة، والزعامات الباهتة، الذي لا يحبطك، ولا يسبب لك العداوات، والذي يشبه حامل المسك، ولا يشبه نافخ الكير، واحذر جيداً من الأناني والعبثي وصاحب المصلحة الضيقة، الذي يرحل عنك بسرعة البرق الفائقة عندما تنقضي حاجته منك، واحذر من صديق المصلحة والحاجة، صاحب القناع المزيف والازدواجية المقيتة، وإن مثّل دور البريء، وادعى البياض، وأبهر بالقول، وتماهى بالفلسفة، فلا هو درة ثمينة، ولا ماسة نادرة، ولا جوهرة غالية، بل هو وباء عظيم، مضيعة للوقت الثمين ومعضلة، فدعه ولا تكثر عليه التأسفا، وأعلم بأنه مفلس، لا يجيد سوى الثرثرة، ولا يهوى سوى التسلية، لا يهتم سوى بنفسه، ولا يعشق إلا ذاته، مفرط بالأنانية، ويعيش النرجسية. إن الذي يتظاهر لك بالصداقة الحقة، ويمثل عليك دور الصديق الودود، لينال مكاسب وأرباح ليس إلا، فاعلم بأنه مرائي ومذموم ويبيع لك الوهم. إن الشخص المزدوج، لا يحمل معه القيم الإنسانية، وتموت معه الثوابت والمواقف، وتصبح الحياة معه قلقة ومتوترة ويشوبها الحذر والتوجس. إنه مثل الحرباء يجيد التلون والتبدل وفقاً للحالة والبيئة، لتحقيق غرض أو غاية أو هدف. إن الصديق اللدود مثل الجرثومة التي تسبب المرض، فابحث عن الصديق (الرجل) وأظفر به، الذي يرقيك ويجملك ويرفع من شأنك ويحفظ كرامتك ويصون شخصك، وليس الصديق (البزر) الذي لا حكمة عنده ولا عقل ولا بصيرة، والذي يجيد المسرحيات العبثية، ويؤدي دور البهلوان الغبي، والتمثل الممل، واعلم جيداً بأن البقاء بدون صديق، أفضل بكثير من وجود صديق عدو لدود.