منصور ماجد الذيابي
إشارة إلى ما تناولته قنوات بث إعلامية ومنصّات تواصل إلكترونية على مدى الأيّام القليلة الماضية حول التصريحات المسيئة من وزير الإعلام اللبناني تجاه السعودية العظمى, وردود الأفعال حول القرارات الحكيمة الحازمة لقيادة المملكة العربية السعودية التي جاءت ردّاً على موقف حكومة نجيب ميقاتي التي يبدو أنها آثرت التواطؤ والتعاطف وغضّ الطرف عن محاسبة ومساءلة وإقالة وزير الإعلام المغلّف بعباءة «حزب الله» اللبناني, فإن ما حدث من موقف حكومي متخاذل إزاء تصريحات وزير الإعلام التي تجاوزت حدود الأعراف الدبلوماسية بين الدول لم يكن ليحدث لولا حصول هذا الوزير على الضّوء الأخضر من ميليشيا حزب الله وبعض العناصر العونية في حكومة نجيب ميقاتي، التي ظنّ بعض المراقبين أنها تمخّضت وتشكّلت أخيرًا لإخراج لبنان من نفق الفساد الإداري والمالي, وانتشاله من وحل الإخفاقات المتكرّرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي وعلى الصعيدين الدبلوماسي والأمني.. وإذا بها تتعثر وتكبو في الخطوة الأولى لاختبار قدرتها في إنقاذ الوضع الداخلي والمحافظة على الحد الأدنى من مستوى العلاقات الأخوية مع الدول العربية لاسيما مع المملكة العربية السعودية التي ساندت لبنان منذ عقود طويلة وقدّمت لحكومته وشعبه المساعدات الإنسانية والمبادرات السلمية حتى وصوله إلى مرحلة التعافي من آلامه السياسية والاقتصادية رغم تغلغل ما يسمى بمحور المقاومة والممانعة في جسد السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وما أن تعافى لبنان نسبيًا من مشكلاته الداخلية حتى أطلق وزير الخارجية السابق شربل وهبة نيران حقده العبثية تجاه الشعب السعودي الأبيّ, ثم التّظاهر بالندم بعد ذلك وتقديم الاعتذار عما بدر منه من تصريح مخالف لأبسط مبادئ العلاقات الثنائية بين الدول العربية في محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه للمحافظة على عمق العلاقات التاريخية بين الدولتين العربيتين.
وبعد مرور فترة قصيرة على تصريحات وزير الخارجية المخلوع شربل وهبة التي أعلن عنها خلال حوار تلفزيوني على قناة الحرّة, فإذا بزميله الآخر جورج قرداحي يسير على خطى شربل ويطلق العنان لتصريحاته الحاقدة محاولاً تلميع وتجميل صورة الحوثي, وشرعنة مطالبه واعتداءاته, وتبرير هجماته الصاروخية على المدنيين في اليمن وتجاه الأعيان المدنية في جنوب المملكة العربية السعودية, ولسان حاله يقول: «إيّاك أعني واسمعي يا جارة», أملا بأن يحظى قرداحي بما حظي به شربل للحصول على حقيبة وزارية بتوصية من حزب الله, وأن ينال ودّ الأم الحنون (حزب الله) التي أرضعت قرداحي وشربل وغيرهما من شعارات الحزب الواهية حتى بلغ كلّ منهما أشدّه بعد مواظبتهما على تناول وجبات ايديولوجية صفوية معدّة مسبقاً في المطبخ الإيراني, ومرفق معها شحنات من المخدّرات التي يتولى حزب الله مهمّة توزيعها وتصديرها مع الفواكه والخضار اللبنانية لدول الجوار العربية.
وكما ذكرت في مقال سابق بعنوان «الدور السعودي تجاه اليمن», فإن شعوب المنطقة العربية تعلم جيدًا كذلك الدّور السعودي تجاه لبنان منذ الحرب الأهلية وحتى اليوم. كما يعلم أحرار العالم أن التفاف الشعب السعودي حول قيادته أكبر من أن يتأثر بتصريحات إعلامية طائشة لا تسمن ولا تغني من جوع، لكنّها تكشف لنا حقيقة النّوايا الخفيّة لعناصر محسوبة على الحكومة اللبنانية تسعى لتحقيق مناصب حكومية من خلال الأزمة في اليمن أو التخبّط في لبنان.
وليعلم هؤلاء المرتزقة من أمثال شربل وقرداحي أن السياسة السعودية تجاه اليمن ثابتة وراسخة وتحظى بتأييد مجلس الأمن الدّولي وكل منظّمات الأمم المتحدة. وهي تلك السياسة المرحّب بها عند الشرفاء من اليمنيين أنفسهم الذين ضاقوا ذرعاً بذراع إيران الحوثية الإرهابية التي مزّقت نسيج التوافقات اليمنية, وقضت على آمال الملايين هناك في العيش بأمن وسلام بسبب قبول الحوثي لإملاءات وتعليمات الحرس الثوري في طهران. كما تعلم دول المنطقة أن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن إنما تشكّل لأجل إجهاض المخطّط الإيراني الرّامي إلى اختطاف القرار السياسي في اليمن كما اُختطف القرار اللبناني من قبل, وبالتالي بسط الهيمنة والنفوذ الفارسي من خلال الوكلاء الحوثيون ومن خلال دعم جماعة حزب الله للعناصر الحوثية في صنعاء.
وكما أوضحت أيضاً في مقال بعنوان «محور المقاومة والممانعة», فإن شعوب المنطقة العربية تدرك تماماً مدى زيف تلك الادعاءات والشعارات والتصريحات التي يقتات منها شربل وقرداحي ويتغذّى عليها أنصار نصرالله وأتباع عبد الملك الحوثي اللذان يمثّلان محور الشّر في بلديهما. وعلى كل حال, فهي مجرّد شعارات أكل الدّهر عليها وشرب, ولم تعد تنطلي على الشعوب العربية الواعية والمدركة لأهداف إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة العربية من الخليج إلى المحيط.