كتبت - نوال بنت إبراهيم القحطاني:
أقام مركز الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها ورشه تدريبية بعنوان: «أسس المناقشة العلمية ومجالاتها المبنى والمعنى»، وذلك يوم الأربعاء 14 ربيعٍ الأول 1443هـ الموافق 20 أكتوبر 2021م، لطلاب وطالبات الدراسات العليا في قسم التاريخ جامعة الملك سعود.
قدمها أ. د. خالد بن عبد الكريم البكر عضو هيئة التدريس بقسم التاريخ، وأستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الملك سعود، وعضو مجلس إدارة مركز الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها، على مدار ثلاث ساعات (9 ص - 12 ظ).
تناولت الورشة خمسة محاور رئيسية وهي:
1 - أسس الأسئلة، 2 - أسس الأجوبة، 3 - المناقشة في مقرر دراسي، 4 - مناقشة الأطروحة، 5 - المناقشة المفتوحة. وبدأ بسؤال طرحه وهو: ما الفرق بين العلم والفكر؟ وقد عرف المدرب د. خالد بأن العلم اكتشاف الموجود، بينما الفكر إيجاد المفقود، وأنه بإمكان كل مفكر أن يصبح عالماً، وليس كل عالمٍ يستطيع أن يكون مفكراً.
ثم تطرق د. خالد إلى أسس الأسئلة في المناقشة العلمية، وبدأ بذكر عبارة جميلة» من لم يناقش ويناقش، لم يتغرغر بحلاوة العلم»، وقال: إن هذه الأسس تنقسم إلى خمسة أقسامٍ هي: 1 - الأساس العلمي، 2 - الأساس المنهجي، 3 - الأساس الأخلاقي، 4 - الأساس الفني الأدبي، 5 - الأساس المهاري، وأورد د. خالد أمثلةً لكل أساس من هذه الأسس، من أبرزها مثال على أهمية المناقشة التي تعني المفاتشة والمباحثة في العلم وضرب مثلاً لذلك باختفاء واندثار مذهب الأوزاعي وضعفه؛ بسبب عدم وجود هذه الميزة عند طلابه.
كما أورد وعرض د. خالد عدة أنشطة فكرية لتنمية مهارة التفكير والمناقشة لدى الطلاب والطالبات، وقام بتوضيح الفرق بين الأسئلة العلمية وغير العلمية، وكذلك الفرق بين الأسئلة المنهجية واللامنهجية، وشرح الأسئلة المركبة: وهي عبارة عن أسئلة مع أسئلة أخرى، وبين الأساس الأخلاقي في الأسئلة، والغرض الصحيح من السؤال هو الاستفادة من العلم وإظهار الحقيقة بعيداً عن نية إحراج السائل.
ونصح بتطوير مهارة السؤال لدى الباحثين؛ وذلك من خلال مهارة آثاره الأسئلة حين لا يسأل أحد، ومهارة إعادة بناء السؤال للسائل بصورة أوضح، ومهارة تشجيع الآخرين على الاستكثار من الأسئلة مثل : مهارة جورج كولنجوود: «استدراج السائل».
وقال إن الأساس الفني والأدبي بالدرجة الأولى عائد في الأساس إلى تمكن الباحث من مفردات اللغة؛ ومعرفة أصولها وقواعدها، وهذه أداة من أدوات الباحث التي يجب توافرها عنده، أضف إلى ذلك غزارة الأفكار وتدفق المعاني وقوة الحجة والألفاظ ووضوح المعاني وجزالتها، والتعبير والتفكير (جسم المعنى)، وجودة التشبيهات، كما يجب الحذر من التشدق بالألفاظ.
كما تناول أسس الأجوبة التي تقوم على الأساس العلمي : إجابة علمية وغير علمية. وأوضح أن الأساس المنهجي يقوم على الربط والاستقصاء (أفقي ورأسي)، والاستنباط والاستقراء، وأورد أمثلة على ذلك. وقال: إن الأساس الأخلاقي يقوم على الرفق واللين والتواضع في الإجابة والسؤال، وأن هناك قواعد أساسية يجب على المناقشين اتباعها وتطبيق ما قال الشافعي : «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب» و» من طلب الحق فأخطأه ليس كمن طلب الباطل فأدركه»، وذكر أيضاً : أن الأساس المهاري هو ؛ مهارة الإنصات والمتابعة وفهم السؤال من المرة الأولى.
تطرق بعد ذلك إلى المحور الثالث من محاور الورشة التدريبية، وهو: المناقشة في مقرر دراسي، وأهمية ذلك لمساعدة طلاب الدراسات العليا في إيجاد مواضيع رسائل علمية مميزة؛ لأن بعض الأسئلة تثير قضايا تاريخية مهمة، والتدرب على اكتشاف قضية السؤال وبنائه المركزي.
أما المحوران الرابع والخامس فقد خصصهما د. خالد لموضوع مناقشة الأطروحة، والمناقشة المفتوحة، وعرض الحقائق، والتوقعات في المناقشات العلمية، ومكمن الصعوبة في مثل هذه المناقشات هو؛ الخوف والارتباك وتشتيت الذهن، والخوف من وسم الرسالة بالضعف والتندر عليها، وقرار الأطروحة كما يذكر سيكون إحدى هذه الحالات : إما قبولها كما هي، أو قبولها مع التعديل، أو عدم قبولها وإعادة مناقشاتها - ونادراً ما تحدث -.
وأجمل د. خالد عدة نصائح يجب على الطالب التحلي بها أثناء مناقشة الأطروحة: 1 - ارتجال التقديم، 2 - تقنين الإجابة، 3 - التداخل مع اللجنة وطلب التعليق، 4 - الوعد بالأخذ بملاحظات لجنة المناقشة، 5 - عدم المكابرة.
أخيراً نصيحتي لنفسي ولكل من ينتظر مناقشة أطروحته قريباً - بإذن الله - من طلاب وطالبات الدراسات العليا، الأخذ بما أوصانا به استأذنا ومفكرنا والمدرب المختص في مثل هذه الورش العلمية: حيث قال «استعدوا للمناقشة ولا تقلقوا، فالمناقشة حفلة علمية يعرض فيها انتصار فكري مع لذة الحوار، ولذة النقاش».
ختاماً لا يسعني باسمي وباسم من حضر هذه الورشة العلمية المميزة، إلا أن نزجي الشكر والتقدير والعرفان لاستأذنا القدير أ. د. خالد بن عبد الكريم البكر، على حرصه على عقد مثل هذه الورش العلمية، فجزاه الله عنا خير الجزاء، وأدامه الله مناراً يستضيء بعلمه وفكره طلبة العلم في طريقهم العلمي الطويل.. شكراً لك فلقد عرضت المادة العلمية والتاريخية للورشة فأبدعت، وشرحت فأفهمت، وضربت الأمثلة فأصبت.. شكراً لرحابة صدرك ونصحك الجميل الصادق لطلاب وطالبات الدراسات العليا فهذا ديدنك مع الجميع.
والشكر موصول لمركز الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية وعلى رأسهم سمو الأمير أ. د. نايف بن ثنيان آل سعود، ولمنسقة المركز في القسم النسائي أ. نايفة بنت محسن العتيبي، وجميع العاملين في المركز، لما يقدمونه من فعاليات تاريخية وعلمية تهم المهتمين بدراسة التاريخ، وطلاب وطالبات الدراسات العليا.