عمر إبراهيم الرشيد
قلة أولئك الذين لا يحكمون على غيرهم من خلال الخلقة أو الهيئة، ذلك أن البشر مفطورون على حب الجمال الخارجي في الخلق والهيئة، إنما التعرف على الجمال النفسي والفكري يحتاج إلى احتكاك وسبر للطباع والأخلاق. ولذلك يأتي التوجس أو التحفظ من الغريب والشخص غير المعروف، وهذه هي الحكمة من الحث على إلقاء التحية والسلام في الدين الإسلامي، لبث تلك النفحة من التطمين لمن نقابله سواء عرفناه أم لم نعرفه، ولطرد أي توجس قد يعتري أولئك الذين نمر بهم أو نقابلهم في أي مكان. ولله الحمد أن هذه السنة والقيمة الإسلامية مازالت موجودة ولها احترامها بيننا، لكنها ولشديد الأسف بدأت بالتلاشي بين فئة من الناس ليس الشباب منهم فقط، وإنما حتى بين بعض الكبار، وليت الأمر توقف على عدم إلقاء السلام لكان الأمر أهون قليلاً، إنما بدأت بالانتشار ومنذ سنوات في مجتمعنا (موضة) عدم رد السلام كذلك، حتى أن بعضهم ينظر إليك بعد أن تلقي التحية وكأنه يستغربها أو يود التساؤل (متى المعرفة؟) كما نقول في تعبيرنا الدارج!.
مازالوا بحاجة إلى ترويض:
شهدت العاصمة مباراة الجارين المتنافسين أو (الشقيقين اللدودين) للتأهل للمباراة النهائية لكأس آسيا، وبالطبع لن أتطرق للجوانب الفنية فهنا ليس مكانها، وإنما الرياضة جانب إنساني واجتماعي وثقافي واقتصادي، وهذا ما يفوت على كثير ممن يعمل في الإدارة الرياضية ليس جهلاً بهذه الحقائق وإنما عدم وعي كاف بها والعمل عليها كقواعد لهذا القطاع الحيوي. من يستحضر ويعمل بالحكمة التي أطلقها الكاتب والشاعر الانجليزي وليم شكسبير (تواضع عند النصر وابتسم عند الهزيمة) من الرياضيين والعاملين في هذا القطاع لدينا وفي عالمنا العربي عموما، هم قلة في واقع الحال، فما شهدته المباراة المذكورة بعد نهايتها من قبل قلة من المنتمين إلى الفريقين السعوديين إنما هي استهجان لهذه الحكمة وضرب بها وبقيمنا الحضارية عرض الحائط. وللحق فمواقف البعض الآخر استحضار واحترام لهذه المقولة الشهيرة الغائبة عن ثقافة الكثيرين من الرياضيين والإعلاميين والعاملين في هذا القطاع بل وحتى الكثير من الجمهور، وهذا ليس جلداً للذات أو لمجرد النقد، وإنما تشخيص واعتراف بالمشكلة لأن كنس المكان وتنظيفه ثم إخفاء الأوساخ تحت السجاد لا ينظف المكان ويحل المشكلة وإنما يؤجل حلها. واستفزاز الفريق الخاسر بالمبالغة في استعراض العضلات وكأنها معركة كبرى تم كسبها، وكذلك رد الفعل الغاضب والمتشنج من قبل الفريق الخاسر، ولا نقول المهزوم لأنها كرة ولعبة رياضية لابد فيها من فوز وخسارة، هذا التشنج كذلك ليس من الأخلاق الرياضية في شيء. وأعود للتذكير بأن ما بدر من تصرفات انما هو من قلة من المنتمين للناديين، والتقطتها العدسات وعرضتها أمام الملايين في العالم العربي ودول آسيوية، وهذا يخدش صورة المجتمع السعودي في قطاعه الرياضي الذي يشهد نهضة ويستعيد تألقه الذي عاشه في الثمانينيات الميلادية. وهنا دور وزارة الرياضة في إيلاء الجانب الثقافي والتدريبي والإرشاد النفسي والاجتماعي للمنتمين للقطاع الرياضي بكل فئاتهم، ليكون قطاعا حضارياً رافداً للنهضة الوطنية والرؤية التنموية، إلى اللقاء.