«الجزيرة» - عبدالعزيز بن سعود المتعب:
الشاعر والإعلامي ناصر السبيعي رئيس تحرير مجلة المختلف وعرّاب الساحة الشعبية صاحب التجربة المتبلورة تمامًا على أكثر من صعيد الذي قدّم أبرز الأسماء الشعرية على الإطلاق، كان محل احتفاء نخبة من الشعراء والإعلاميين في أحد الصالونات الأدبية، حيث بادروا بطرح أسئلتهم على ضيفهم المُحتفى به «أبوفهد» ننقلها لكم هنا مع أسئلة صفحة الأدب الشعبي في صحيفة الجزيرة بعد إجاباته بما عُهِدَ من شفافيته ورقي تعاطٍ مع الآخر. في البداية سأله الدكتور الشاعر والإعلامي محمد بن علي الحربي رئيس تحرير مجلات (فواصل - أبعاد - رؤى) ومساعد رئيس تحرير عكاظ سابقًا بقوله:
* ما هو مشروعك المقبل؟ وهل سيكون تحت مظلة المختلف؟
- مشروعي المقبل -إن شاء الله- يرى النور في القريب، وأنت يا دكتور من أهم الأسماء التي ستكون على اطلاع عليه أول بأول لحاجتنا إلى خبرتك وفهمك وإبداعك، وأنت من الأسماء التي نسعى ونتشرف أن تكون بجانبنا في هذه المرحلة وقد تحدثنا معك سابقاً في هذا الموضوع حتى يعرف المتابع أن هذا الموضوع قد بدأ يتشكل وإن شاء الله قريباً.
كما وجه الشاعر والإعلامي منصور الحربي الذي تربطه بالضيف محطات من الألق والنجاحات في مشوارهما ما نصه:
* جحود بعض النجوم الذين أبرزتهم المختلف هل هو إحساسهم أنهم شعراء مبدعون وأسهموا في انتشار المجلة كما يقول البعض منهم، أم أن العلاقة من الأساس كانت تدور في فلك الشعر والنشر ولم تتجاوزه، ولذا انتهت مع انتهاء الانتشار الساحق للمختلف؟
- أبوعبدالعزيز، العزيز والقريب والحبيب، سؤالك صعب ويحتاج إلى إجابة يطول شرحها سؤال يرصد سنوات وسنوات، وتشابك بين الشعر والنجومية والعلاقة، ومن الصعب تفكيكه إن لم تدمينا أشواك السؤال ستدمي من نشير إليهم، لذلك سأبتعد قليلاً وأقول نجحنا في مسيرتنا، خابت آمال ونجحت آمال لكنني راضٍ عما قدمناه وما زال في جعبتنا الكثير.
كما وجّه الشاعر المعروف حسين بن فهد القحطاني سؤاله التالي للعراب:
* ما هو الشيء الوحيد الذي ندم عليه عراب الساحة الشعبية.. وهل قام بإبراز أشخاص لا يستحقون البروز من ناحية الشعر؟
- والله يابوفهد كنا فعلاً مخلصين جداً في اختياراتنا من ناحية الشعر، وما تراه اليوم خير شاهد، لكن ذلك لا يمنع من المجاملة أحياناً لكن ليس على حساب الشعر. أما إذا كنت تقصد النجومية فتلك حكاية أخرى أحياناً البعض يملك مقومات النجومية وقد يكون أقل شعراً من غيره، وهذا عطاء رباني، محبة الناس للبعض ليس لدينا يد فيها.
أما الإعلامي الأستاذ عبدالرحمن الحمدان رئيس تحرير مجلة فواصل ومجلة بروز سابقًا فقال للضيف وهو من أقرب الناس إليه:
* أما آن للعراب أن يطرح مذكراته لتاريخه الصحفي المليء بالذكريات والأحداث والمفارقات التي لا يعرفها إلا هو؟ وتكون تلك المذكرات شاهدًا على فترة قد تكون نبراسًا للأجيال القادمة؟
- أتذكر مرة وفي ليلة جميلة تم طرح هذا الموضوع معك يابو محمد من خلال حلقات يوتيوب نتحدث فيها عن تلك المسيرة بتفاصيلها ولا زالت الفكرة قابلة للتنفيذ، وبوجودك يابو محمد سيكون الحديث أجمل.
وقال الإعلامي الخلوق فيصل القحطاني الذي تربطه علاقة محبة متبادلة مع كافة أوساط المبدعين من شعراء وفنانين وغيرهم جعلت «أبوبندر» محل تقدير الجميع السؤال التالي:
* صانع النجومية ناصر السبيعي.. الكل يعلم بأن مجلة المختلف كانت نقطة تحول في حياة ناصر السبيعي والتي قدمت من خلالها شعراء أصبحوا بعد ذلك نجومًا.. هل بالإمكان إعادة التجربة الآن في ظل الثورة التكنولوجية الحالية من خلال قنوات السوشال ميديا؟!
- أعتقد أننا نستطيع الآن فعل ما هو أكثر وأكبر. اليوم تستطيع أن تصل إلى أبعد متابع في لحظات بالصوت والصورة وردود الأفعال لحظة بلحظة، كل شيء أصبح في التناول فقط الفكرة والدعم ومجموعة قادرة على الفرز والإبهار، طبعاً قبل هذا وذاك المصداقية.
وقال الشاعر والإعلامي المعروف هاني الشحيتان ما نصه:
* عراب الساحة الشعبية، بكل صراحة، لو عاد بك الزمن إلى الوراء، ما هي القرارات التي ستبدأ بها، وما هي التي ستلغيها؟
ج- والله كانت تلك السنوات جميلة في مجملها ونتائجها كانت أجمل وأفرزت جيلاً جميلاً استمر لهذا اليوم، فقط كنت سأعيد ترتيب بعض العلاقات بعيداً عن الشعر، أسماء سأقف منها بشكل حيادي وأسماء سأقترب منها أكثر لأنها وبعد كل هذا الوقت تستحق ذلك.
كما سأل الشاعر والإعلامي سعيد آل منصور الضيف قائلاً:
* مَن أسَّس مجلة المختلف؟ بمعنى آخر.. مَن صاحب الفكرة.. مَن اختار الاسم.. هل هناك شركاء في التأسيس.. مَن صاحب الامتياز؟
- الفكرة وُلدت بعد صدور مجلة الغدير للزميل نايف الحربي. كنا في سباق تنافسي بين صفحة القبس الشعبي ونفحات شعبية في جريدة السياسة، والاسم أنا من اختياره، والدعم كان من سمو الأمير بدر، وأسرة التحرير تشكلت من أسماء مهمة في وقتها وكان لها الدور الكبير في البداية.
وبعد أن فرغ الضيف الغالي من الإجابة على أسئلة الشعراء والإعلاميين أجاب على أسئلة صفحة الأدب الشعبي في صحيفة الجزيرة:
* ثنائية التميز شعرًا ونجومية تكاد تكون محصورة في نايف صقر ومساعد الرشيدي إلا أن المختلف صنعت من تجاوزهما في نجوميته لا تميزه وهو أمر يحسب لها، ما تعليقك؟
- ثنائيات كثيرة تكررت في المختلف ولم تكن حكراً على مساعد -رحمة الله- ونايف صقر، مثال على ذلك ضيدان بن قضعان وسلطان الهاجري، وحامد زيد وسعد علوش، وغيرهم. لذلك الثنائيات كان يصنعها الجمهور ونحن نرحب بذلك لأنها تعطي دافعًا أكثر للشعراء للتميز وإعطاء المزيد، وهذه ما تفتقده ساحات الإعلام الجديد.
* كان التنافس شرسًا بين مجلة المختلف ومجلة فواصل تمثّل بتحجيمكم وتهميشكم لمن ينشر في فواصل بحيث تنشرون له نصف صفحة أو أقل، إذا نشر في فواصل صفحة كاملة أين الحياد الموضوعي والمهنية في تنافس تلك المرحلة؟
- نعم كنا نعطي الأفضلية لشعراء المختلف، لكننا لم ننقص حق الآخرين، فعندما تسنح الفرصة للنشر نحتفي كما يليق بالشاعر، ومن أهم الشعراء الذين كانت منصتهم (فواصل) كان الشاعر فهد مساعد، وبالعكس كنا نحرص على نشر أي نص له وطلال الرشيد -رحمه الله- كان غلاف المختلف، وكنا نحرص على كل جديد له، كنا نتنافس نعم لكن الاحترام والتقدير هو السائد بيننا.
* كانت ترد عبارات في ثنايا المجلة مبررة تكرار النشر لاسم - ما- نصها ( حبيب المجلة) رغم خلو جعبته من الإبداع من منظور نقدي، هل في ذلك اعتراف ضمني بالشللية؟
- هناك شعراء نجوم الحصول على جديدهم هو إنجاز بحد ذاته، فلماذا لا نقوم بنشر جديدهم كل مرة، وكل مَن كنا نحرص على نشر جديدهم ما زالوا إلى هذا اليوم هم النجوم المطلوبون في الأمسيات والأغنية وعلى منصات التواصل، هذه ليست تهمة بل ميزة تثبت مصداقية المجلة.
بعيداً عن الشعر لماذا يتكرر الفنانون أنفسهم في الحفلات نفسها وتمتلئ الصالات بالجمهور، ولماذا يتم تكرار اللاعبين أنفسهم للأندية نفسها منه التغيير بعض الشيء كذلك كنا نفعل في المختلف.
* الشاعر الأمير سعود بن عبدالله له إشادات موثقة في شخصكم والمختلف في الماضي والحاضر، حدثنا عن شيء مما يربطك في «أبوعبدالله» الذي يحظى بمحبة الجميع في الساحة الشعبية.
- الأمير سعود بن عبدالله لا تفيه الكلمات حقه كشاعر مبدع وكصديق عظيم وكأخ لا يتكرر بل هو الشاعر الذي يتفق عليه الجميع ويحبه الجميع. مهما قلت عنه أنا دائماً مقصر من أجمل هدايا القدر أنني تعرفت على أبو عبدالله عن قرب، شكراً على سؤالك هذا، فأبو عبدالله يستحق الكثير والكثير. ومهما قلت لن أوفيه حقه وكل كلمة قالها عنى تاج على رأسي وفخر كبير بالنسبة لي.
* نجومية خارطة الشعر الشعبي في الخليج ابتدأت من المختلف، لماذا لم تستمر بعد توقفها؟
- هذا سؤال ينصفنا كثيراً فهو تأكيد على أننا نعمل بالاتجاه الصحيح رغم حجم النقد الذي كنا نتعرض له، أي إجابة على السؤال ستضعنا في فخ (مدح أنفسنا) لذلك نترك الإجابة لجمهور الشعر.
* سليمان المانع- مسفر الدوسري وغيرهما من المبدعين أسماء ارتبطت بعراب الساحة الشعبية قبل وبعد المختلف وانحيازكم للإبداع في الساحة لا يخفى على منصف إلا أن البعض يقول أنكم لم تنصفوا تجاربهم، أين يكمن الخلل في مقومات النجومية أو الشعر؟
- سليمان المانع ومسفر الدوسرى -الله يقومه بالسلامة- من الأسماء التي نؤمن بها شعراً وخلقاً ونحرص على نشر جديدهم وتصدروا صفحات المختلف وقبلها كانت صفحات السياسة التي كنت أشرف عليها وهم رفقاء درب ومسيرة جميلة، لذلك من وجهة نظري أن هذا الاتهام غير صحيح، وعموماً لجمهورهم الحق في اتهامنا إن كان يرى ذلك.
* ناصر السبيعي من أرق وأعذب مَن كتب شعر التفعيلة والشعر العمودي والأغنية، ولطالما تردد سؤال هل أخذت الصحافة مبدعها من مبدع الشعر؟
- نعم كان لوجودي في إدارة المختلف دور كبير في تراجع دوري كشاعر. أنا بدأت كشاعر من خلال صفحة الزميل نايف الحربي في القبس وكنت ضمن كوكبة جميلة من أهم الشعراء في تلك الفترة ثم ابتعدت بسبب الصحافة.
* برغم جماهيرية الشعر ودوره الكبير إلا أن رجال الأعمال لا يدعمون مشاريعه رغم جدواها الاقتصادية، مرد ذلك من وجهة نظرك إلى جهلهم بالشعر أم عدم الوفاء للتراث والموروث؟
- قد يكون التقصير من جانبنا، رجال الأعمال بحاجة إلى أفكار مقنعة وجديدة، الصعوبة تكمن في كيفية تقديم النجاح الذي ينشدونه دون أن نمس بالإبداع، ولكنني أعتقد أن وزارة الثقافة، وكذلك هيئة الترفيه هما الوجهة الصحيحة لكل ما هو جميل ومبهر، فالأولى يمثلها سمو الأمير الشاب بدر الفرحان الذي استطاع أن يعطي دفعة كبيرة وجديدة للثقافة والأدب، وكذلك هيئة الترفيه يقف خلفها المبدع الكبير والمبهر معالي تركي آل الشيخ (ولك أن تتخيل أكثر).
* (في الصميم) كان عنوان زاويتك الشهيرة في صفحتك الشعبية الناجحة في صحيفة السياسة الكويتية في الثمانينيات الميلادية.. العنوان بعد ذلك كان مثار جدل لمن اخترق الساحة الشعبية في حربه الناجحة كنهج واكتساح منافسيه، ما تعليقك؟
- بعض حروب الساحة في وقتها قد تكون نجحت إعلامياً لكنها لم تستطع أن تنال من النجاح الحقيقي، كل ما كان حقيقيًا بقي وكل ما كان زائفًا انتهى، الزمن كفيل بغربلة كل شيء.
* لماذا فشلت وسائل التواصل الاجتماعي في تقديم شاعر متميز أو نجم كما ينبغي في الساحة الشعبية؟
- أعتقد أن الشعر بحاجة إلى منصة كبيرة تدعم وتغربل وتشجع المبدعين الجدد وتنصفهم، العمل الفردي مرهق بالنسبة للشاعر كما أن الضوء مسلط على كل الفنون ما عدا الشعر.
* كتبت في الأمير بدر بن عبدالمحسن قصيدة مؤثرة نشرناها هنا وتوالت ردود أفعال كبيرة في تفاعلها، حدثنا بإيجاز عن صداقة العمر الكبيرة بينكما؟
- قصيدتي في البدر أضاءت بنوره ووجودي بالقرب منه أضاف لي الكثير. كانت مسيرتي ستكون ناقصة كثيرًا لولا وجود البدر، نحن جيل محظوظ بوجود البدر بيننا.
* لماذا تجاوز انتشار شاعرات المختلف كل من سواهن من شاعرات الخليج؟
- لأننا وببساطة أوجدنا مساحة ثابتة في المختلف وملف باسم ديمة، لذلك أصبح لهن مساحتهن الخاصة ولقاءاتهن دون أي مزاحمة، كما أننا قمنا للنشر بأسماء شاعرات حقيقيات في ذلك الوقت مع صورهن وأقمنا لهن الأمسيات حتى في أكبر المناسبات (هلا فبراير)، وهذا بدوره أعطى للشاعرات دفعة معنوية كبيرة، ولا تنسى أن المختلف كانت هي الواجهة الإعلامية الكبيرة للشعر، فكان وصولهن أسهل.
* الجميع يعرف أن «أبوفهد» لاعب كرة بارع سابقًا، ماذا أضافت هذه الصفة على كل من جانب الصحافة والشعر في حياتك؟
ج- المجال الرياضي كان في البداية ولم يستمر كثيراً لذلك لا أرى أن له تأثيرًا في مسيرتي الإعلامية أو مشواري كشاعر، الرياضة تحتاج إلى تفرغ وربما لو استمررت ما كنت سأدخل مجال الإعلام أو حتى الاستمرار في كتابة الشعر.
* ذكاء ناصر السبيعي ونظرته الاستشرافية أفضت إلى ما قدمه للساحة الشعبية لاحقًا واليوم ينتظر الجميع استثمار هذه الخبرة وحزمة النجاحات والتفوق، هل من مفاجأة تخص بها صفحة الأدب الشعبي في صحيفة الجزيرة؟
- والله يابو سعود ما فيه بالوقت الحاضر جديد، لكن لدي قصيدة جديدة متواضعة أتشرف بنشرها لديكم.