عثمان بن حمد أباالخيل
حياتنا بدون مبالغة ممتلئة بلحظات الانتظار ربما عدد حبات الرمل، باختصار حياتنا مجموع من لحظات الانتظار فكل خطوة نقوم بها في حياتنا تتطلب منا الانتظار قبل قدومها. كم هو صعب أن ننتظر الأشياء التي لا تأتي، أو تستحيل أن تأتي حين نتجاوز حدود السؤال فها نمتلك ثقافة الانتظار؟ والانتظار هي من جزء من مفرداتنا اليومية التي يتعامل معها ملايين الناس. لذة الانتظار والنجاح.. مفتاحها الصبر، لكن للصبر حدود، الصبر هو القدرة على تحمل الانتظار والتأخير والإحباط. أقتبس (من تلمح حلاوة العافية هانت عليه مرارة الصبر) ابن القيم
نضيع وقتاً طويلاً من حياتنا في الانتظار... انتظار الغائب، انتظار النتيجة التي سبقها السهر والمشقة، انتظار موافقة من مدير عمل، انتظار صديق مخلص ليرافقك فيما تبقى من حياتك، ننتظر حتى يذهب الأطفال إلى الجامعة، ننتظر، انتظار لقاء الشخص، انتظار توفير مبلغ معين من المال لحين البدء في مشروع، انتظار إنقاص الوزن، انتظار موسم الشتاء، انتظار زواج، انتظار نتيجة التحاليل الطبية، انتظار وفاة إنسان، انتظار موعد السفر. للانتظار صور كما ذكرت كثيرة صور مفرحة وصور حزينة. الانتظار لانتظار مرهق في حد ذاته، هو ما يجعل الوقت ثقيلاً ومراً، ما يؤلم حين يشل الانتظار حياتنا ويعطّلها، فيجعلنا سجناء قليلي الحيلة دون جدوى، هل حقاً هناك متعة في الانتظار؟ نعم إذا كان بعد الانتظار فرج وفرح وحياة سعيدة. وما هو أجمل أن يحقق الإنسان ما ينتظره بالصدفة أي ما يتمنى أقتبس: (أجمل ما في الصدفة أنها خالية من الانتظار محمود درويش).
الإنسان في انتظار دائم لشيء يغير تفاصيل حياته ويجعلها مستقرة، فالعمر قصير والانتظار يعني الزمن الذي عمر الإنسان وأعمارنا روى البَيْهَقِيُّ والحَاكِمُ وابن ماجه والترمذي وغَيْرُهُم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلة وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ». الأم تتحمّل طول الانتظار لطفلها من دخوله المدرسة إلى حين وصوله إلى الثانوية العامة ومن ثم انتظار قبوله في إحدى الجامعات وما إن يتم القبول حتى تبدأ مرحلة انتظار تخرجه من الجامعة وحين التخرّج تأتي مرحلة الزواج، انتظار طويل لكن نهايته تختلف من إنسان إلى آخر فكيف يكافئ ذلك الإنسان عناء الانتظار والسهر هناك نهايات سعيدة وهناك نهاية مؤلمة.
أيها المنتظرون والمنتظرات نهر الانتظار ماؤه عذب وأشجاره باسقة وطيوره تغرّد في كل صباح تريثوا ولا تتمللوا من صبر الانتظار فما بعد الانتظار إلا الفرج والفرح الذي يدخل السعادة إلى قلوبكم. تذكروا أن الانتظار جزء من حياتنا نهرب منه ونعود إليه. الانتظار مؤلم لكن أقل ألماً من ألم الجسم أم هو العكس وما أكثر الأشياء التي في حياتنا عكس ما نتمنى.