د.عبدالعزيز العمر
اليوم تتم محاكمة قوة أي نظام تعليمي في ضوء جودة ومهنية وكفاءة مخرجاته، فالنظام التعليمي المتخلّف لا ينتج سوى مخرجات تعليمية هزيلة منفصلة عن واقعها وغير قادرة على المشاركة في تنميته وتطويره (كما هو الحال في معظم دول العالم الثالث)، لكن يبقى هناك السؤال العريض الذي يجب أن تبحث في إجابته كل أمة أو كل مجتمع ينشد الرقي بنظامه التعليمي، والسؤال هو: في ظل حمى التقدم التقني التكنولوجي المعلوماتي الرقمي، ما طبيعة وسمات المخرج التعليمي (أي الطالب الخريج) الذي يجب أن تنتجه مؤسساتنا التعليمية؟ ومتى ما عرفنا سمات ومواصفات مخرجنا التعليمي المستهدف يمكننا حينها هندسة النظام التعليمي وتصميم خطوط الإنتاج التي تنتج هذا المخرج. إليك طرفاً من بعض مما نريده من سمات في مخرجنا التعليمي: نريده مستقلاً في تفكيره وليس مجرد صدى لأفكار الآخرين، نريده واثقاً فيما عنده، وشاكاً فيما عند غيره، نريده ذا عقل مستنير متسائل وليس مجرد مستودع لإجابات معلبة، نريده ينطلق من الواقع ولا يتجاوز حقائق هذا الواقع، نريده إنسانًا قادرًا على ممارسة التحليل العلمي ليصل إلى استنتاجات منطقية، نريده قادرًا على التواصل مع الآخرين، نريده ألا يكون متعصباً مقيداً بأفكار سابقة وأن يتجرّد عندما يكون بصدد الحكم على أمر جديد، تهمه الفكرة ولا يهمه قائلها، ولا يضفي قداسة على أحد، نريده إنساناً لا تنطفئ لديه جذوة السؤال، نريده يبني قراره على معلومات موثقة. أرجو ألا يتصور أحد أن ما أشرت إليه أعلاه هو مجرد مثاليات، بل هي أفكار أمكن للتربويين إنزالها على أرض الواقع وتحقيقها.