كيفية صدق المشتري في البيع
* جاء في الحديث أن البائعَيْن إذا صدقا بورك لهما في بيعهما، فكيف يكون صدق المشتري؛ إذ ليس لديه إلا المال؟
- المشتري بإمكانه أن ينصح ويصدق مع صاحبه، والنصحُ يكون للبائع ببيان الثمن الحقيقي للسلعة، أو أن هذه السلعة ليس من مصلحة البائع أن يبيعها، وإن كان هو أدرى بنفسه وبظروفه، لكن أحيانًا يأتي شخصٌ مسترسلٌ لا يعرف قيمة هذه السلعة، ولا يعرف أن لها طلبًا في السوق، فينصحه المشتري ويُبيّن له أن هذه السلعة نفيسة، ويمكن أن تباع بقيمة أعلى، كما فعل جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- حينما بايع النبي -عليه الصلاة والسلام- على النصح لكل مسلم، فجرير بعث غلامه ليشتري فرسًا، فوجد فرسًا يُباع بثلاثمائة فجاء إلى جرير لينقده الثمن، فقال جرير: فرسك يستحق أكثر من ذلك أتبيعه بأربعمائة؟ قال: نعم، فلما أراد أن ينقده الثمن قال: فرسك يستحق أكثر من ذلك أتبيعه بخمسمائة؟ وما زال به حتى وصل إلى الثمانمائة، وهي قيمته الحقيقية [يُنظر: معجم الطبراني الكبير: 2395]. هذا النصح لكل مسلم، لكن قلوب الناس تغيَّرت، وفِطَرهم وأمزجتهم اختلفت، فلو أن أحدًا يصنع مثل هذا بين الناس لشكُّوا في عقله. والله المستعان. وهذا من الغربة المستحكِمَة للدين، وإلا فتعاليم الإسلام ظاهرة «لا ضرر ولا ضرار» [ابن ماجه: 2341]، فتجد الآن شخصًا يبيع سلعةً بعشرة بالمائة من قيمتها، وهذا موجود في أسواق المسلمين وفي الأماكن التي يُباع فيها الأشياء المستعملة من الحراج وغيره، ففي الحراج أحيانًا تُباع السلعة في سيارة بمبلغ ألف، والمشتري يرى قطعةً من هذه السلعة تستحق عشرة آلاف، ثم بعد ذلك يشتري الجملةَ ويأخذ هذه القطعة، ولا كأنَّ أحدًا درى أو سمع، ثم يبيع الباقي بأي قيمة، هذا ليس من النصح للمسلم، فقد يأتي إلى السوق مسترسلٌ وقد يأتي مضطرٌ وقد يأتي سفيهٌ ثم بعد ذلك تُباع بهذه القيمة وهي تستحق أكثر، فالمسلم عليه أن ينصح أخاه، وأن يتمنى ويحب له ما يحب لنفسه. والله المستعان.
مرور الحائض في المسجد الحرام بسبب الزحام
* هل يجوز للمرأة الحائض المرور في المسجد الحرام بسبب الزحام من غير إرادة الجلوس؟
- في حديث أم عطية -رضي الله عنها- في الحث على صلاة العيد في الصحيحين «أُمرنا أن نخرج فنُخرج الحيَّض، والعواتق، وذوات الخدور. فأما الحيَّض: فيشهدن جماعة المسلمين، ودعوتهم، ويعتزلن مصلاهم» [البخاري: 981/ ومسلم: 890]، وكذلك الجُنب يعتزلون المصلى، ولا يدخلون المسجد، لكن جاء في الجنب وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ [النساء: 43]، ولا يظهر فرق بين الجنب والحائض، فلا مانع من مرورها في المسجد إذا كان لحاجة، فإذا كان مرورها لحاجة فلا مانع أن تمرّ مرور عابر سبيل قبل أن تغتسل، لكن لا تمكث، فلا يجوز لها المكث فيه كالجنب.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-