خالد بن حمد المالك
كل خطوة يتخذها الأخيار في لبنان لإصلاح ما أفسده الآخرون تقابَل بخطوة أخرى من الأشرار لإبقاء الوضع على ما هو عليه، التزامًا بمواقف لهم ترتهن إلى أعداء لبنان، وإلى من يُحضّر هذا البلد الجميل إلى نهايته من دولة حرة ومستقلة إلى دولة فاشلة.
* *
يقف الأشرار بثبات وإصرار على مواقفهم من القضاء والانتخابات، ويواصلون جرائمهم في ممارسة قتل الشرفاء وبدم بارد، باستخدام ما يمتلكونه من سلاح ومن عناصر مسلحة، وويل لمن يخالف توجههم، أو يعارض أجندتهم، أو يقول كلمة حق في ممارساتهم.
* *
في لبنان استعصت الحلول لهذا الذي يجري ليل نهار؛ لأن النفاق الدولي هو سيد الموقف، وإلا كيف يُسمح لتنظيم إرهابي بامتلاك السلاح خارج الشرعية، وبتكوين عناصر مسلحة ترهب المواطنين بأكثر من مائة ألف مسلح، دون أن تجري أي محاولة دولية لتحجيم هذا التنظيم الذي تموله إيران؟ وأعني به حزب الله.
* *
ومن المؤسف أن الرئيس اللبناني يتعاون مع حزب الله، ولا يقول عنه إلا ما يرضي أمينه العام حسن نصر الله، فميشيل عون هو من يحمي هذا الحزب، وهو من يشرع له الحق في بناء جيش موازٍ للجيش اللبناني؛ ليكون قوة رادعة لمن يخالف سياسة هذا التنظيم، أو يعترض على توجهاته المريبة.
* *
ولأول مرة في لبنان يكون رئيس لبنان مرتبطًا بحزب ينتمي إليه بهذا الشكل، ويمارس صلاحياته من قصر بعبدا من خلال التيار الوطني الحر، وبتوجيهات من صهره جبران باسيل، وعدم تمريره أي قرار يتعارض مع سياسة حزبه، أو يغضب حزب الله المتعاون معه إلى درجة إملاء السياسات والمواقف عليه.
* *
ومع أن لبنان على بُعد أشهُر قليلة، لا تتجاوز ستة أشهُر، لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وبلدية، فما زال الرئيس عون يعطل كل خطوة تقود إلى التبكير بالانتخابات معترضًا على ما أقرَّه مجلس النواب، بل إنه لا يشجع الأحزاب ومجلس النواب على التوافق حول ما يحقق للبنان عافيته واستقراره وخروجه من أزماته الطاحنة.
* *
لهذا فإن أي كلام أمام هذه المواقف للرئيس، وأمام هذه السياسات لحزب الله والتيار الوطني الحر، لا قيمة له، كما أن أي تدخُّل دولي لمساعدة لبنان على تجاوز محنته لن يكون له أي قيمة أمام التدخل الإيراني ودعمه لحزب الله بالمال والسلاح والتدريب إلا إذا كان التدخل الدولي بالقوة العسكرية.
* *
لقد قطع لبنان خلال فترة رئاسة عون أي صلة أو علاقة بالدول العربية الداعمة تاريخيًّا للبنان، وكانت النتيجة فقرًا وجوعًا وبطالة وانهيارًا في كل مرافق الدولة، وكل هذا يتم في غياب روح المسؤولية والإخلاص لدى الرئيس عون وعناصر وأحزاب فاعلة في الشأن اللبناني.
* *
وما لم يتدارك اللبنانيون الوضع في بلادهم فإن الدولة اللبنانية سوف ينتهي بها المطاف إلى ما هو أسوأ وأخطر مما هي عليه الآن؛ فقدر لبنان في ظل هذه الأجواء ليس أن يتجه نحو الجحيم كما بشّر الرئيس عون بذلك، وإنما إلى الذوبان واعتباره جزءًا من الجمهورية الإسلامية الإيرانية كما بشّر بذلك أمين حزب الله حسن نصر الله الذي ليس له من اسمه نصيب.
* *
أمام هذا الوضع في لبنان ماذا أقول؟ وماذا أنتم قائلون؟ المشكلة أقوى من القول، وأخطر من أي كلام يُقال!!