خالد الغيلاني
حييت سفحك عن بعد فحييني
يا دجلة الخير يا أم البساتينِ
حييت سفحك ظمآنا ألوذ به
لوذ الحمائم بين الطين والطينِ
- الجواهري
حُلْوَتِي فِيْ عُيْونِ صَبٍّ عَمِيْدِ
مِثْلِ بَيْرُوتَ أَوْ دِمَشْقَ الْوَلِيْدِ
كَأغَانٍ لِأمِّ كُلْثُومَ كَانَتْ
(انت عمري) (وانا بودّع وحيدي)
نَازَعَتْنِي الْأَسَى وَكُنْتُ وَحِيْدًا
فِيْ دُمُوعِي وَلَوْعَتِي وَنَشِيْدِي
وَوَقُوْفِي بِآخِرِ السَّطْرِ أَمْحُو
عَنْ حَيَاتِيْ حُرُوفَ أَمْسِي العَنِيدِ
«غَيرُ مُجْدٍ فِيْ مِلَّتِي وَاعْتِقَادِي»
هَامِشِيٌّ يُجِيدُ سَرْدَ الرُّدُودِ
عَقّدَ الجَهْلُ مَفْرِقَ الرَّأْسِ مِنْهُ
عُقُدَاتٍ مِنْ كَثْرَةِ التَّبْلِيدِ
وهْوَ يظْتَنُّ وَالظُّنُونُ غَوَالٍ
كَيفَ لِابْنِ الَّلبُونِ وَقْعُ الْوَلُودِ
وسَوَاءٌ عَلِيهِ فَتّحْتَ بَابًا
أَوَ تَرَكْتَ الْوراءَ عِندَ الْوصَيدِ
أَفْجُرُ الَمَاءَ كُلَّمَا جَفَّ وَادٍ
غَيرُ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيتِ الْقَصِيدِ
عَثْرةٌ عَثْرةٌ وَفِي الْبِئْرِ عُمْقٌ
فَتَهَاوَى إِلَى انْعِتَاقٍ جَدِيدِ
هُوَّةُ النَّفِسِ مَظْهَرٌ للتِّعَالِي
فِي انْكَبابٍ إِلَى سَحِيقٍ بَعِيدِ
لَا جِيَاعٌ إِلَى المَعَانِي وَزَادِي
كَالحُوارِيِّ عِنْدَ عِيْسَى السَّعِيدِ
فَاسْتَعِيدِي بَراءَةَ المَاءِ وَامْشِي
بَينَ نَارَينِ كَي تُحِسِّي وَجُودِي
كُلُّ أُنْثَى لَهَا حَنِينٌ عَجِيبٌ
لِلْبَعِيدِينَ فِي تُخُومِ الجَلِيدِ
فِي يَدَيها مِنَ التَّلاوِين رَوْجٌ
يُكذِبُ الحُزْنَ فِي مَجَارِي الخُدُودِ
لَا تَلُمْهَا إِذَا أَرَادتْ مَزِيدًا
طِينُ أُنْثَاكَ حَمْأَةٌ مِنْ مَزِيدِ
فَافْتَحِ البَابَ إِنَّهَا ذَاتُ رُجْعَى
سَوفَ تَأْتِي إِلَيكِ فِي يَومِ عِيدِ
إِنَّ مِرْآتَهَا لَتُنْبِيكَ عِنْهَا
وَالمَرَايَا حِكَايَةٌ عَنْ فَقِيدِ
إِنَّ بَغْدَادَ أُخْتُ أُمِّي رَأَتْنِي
فِي مَنَامٍ عَلى سَرِيرِ الرَّشِيدِ
ارْقُبِينِي بِدَجْلةٍ حَيثُ مَارتْ
وَانْظُرِينِي بِنِيلِ مِصْرَ العَتِيدِ
سَوفَ آتِي كَقَطْفَةٍ مِنْ تَجَلٍّ
مَثْنَوِيًّا مُحَمَّلًا بِالشُّهُودِ
مُسْتَعِيدًا بِحِلَّةِ الكْرْخِ شَيخًا
كَانَ طَيفُورُ عِندَهُ كَالمُرِيدِ
مُسْتَجِمًّا إِلَى الرُّصَافَةِ أَقْفُو
مَا يَرِيدُ الْفَتِيُّ مِنْ أُمْلُودِ
لَيسَ نَخْلُ الِعَراقِ إِلَّا رِجَالًا
اسْتَذَابُوا حَنِينَهُ فِي الَجَرِيدِ
وَاسْتَعَادُوا مِنَ الفُرَاتَينِ صَوتًا
كَالْمَوَاوِيلِ مُوجَعَاتِ المُدُودِ
وَتَأَبُّوا عَلى اصْطِبَاغٍ غَرِيبٍ
لَوْ تَأَدَّى لَنِزْعِهِمْ لِلْجُلُودِ
وَاسْتَطَالُوا بَشَطِّ دِجْلَةَ صَفْصَا
فًا وَحَيُّوا عَنَادِلَ الْعُنْقُودِ
وَاسْتَزَادُوا خَلائِقًا لَمْ يُذِلْها
لُؤمُ أَصْلٍ مُنكَّدٍ أَوْ كَدِيدِ
وَعَلُوٌّ بِهَا وَلَا كَعُلُوٍّ
تُرِجِعُ الطَّرْفَ خَاسِئًا فِي سُجُودِ
تَلْغِزُ الأحُجِيَاتُ عَنْهُم أَسَاطِيـ
ـرَ تُنُوقِلْن عَنْ مُلُوكٍ وَغِيدِ
لَمْ يُشِدْ مُثْلُ بُخْتُنَصْرٍ مُشِيدٌ
أَوجَفَ الأرْضَ غازيًا بالجُنودِ
غَيرَ زَبَّاءَ وَقْتِها لَمْ تَفُتْهُ
أُخْتِ بَلْقِيسَ ذَاتِ شَورٍ سَديدِ
كُلَّمَا خَلَّقَ الإلَهُ جَمَالًا
أَقْبَلُوا نَحْوَهُ بِطَبْعٍ وَدُودِ
أَتْقَنُوا صَنْعَةَ التَّقَدُّمِ جَاؤوا
مِنْ لَظَاهُم سُلَالةً مِنْ رُعُودِ
وَالعِرَاقيُّ لَو تَأَمَّلتَ فِيهِ
نَزَّ مِنْ وَجْنَتَيهِ لَظُّ الصُّمُودِ
عُنْفَوانُ الوجُوهِ ، حِدَّةُ نَفْسٍ
وَعُتُوٌّ عَلَى العَتِيِّ المَريدِ
كَانَ بِالمِرْبَدِ القَدِيمِ أُنَاسٌ
تَتَلاحَى الرَّدِيدَ بَعْدَ الرَّدِيدِ
كَانَ فِيها الفَرَزْدَقَ الضَّخَمَ تَحَدٍ
بَصَفِيفٍ مُفَخّمٍ مَعْقُودِ
إِيهِ بَغْدَادُ يَا عَرُوسَ الفُرَاتيـ
ـنِ وَمَاذا عَلَى الفُرَاتِ المَدِيدِ
مِنْ جَمَالٍ وَرِقَّةٍ وَشُمُوخٍ
وتَعَالٍ عَن القَرِيب النَّدِيدِ
سَومَرَ الحَرْفَ مِنْ بَنِيك بُنَاةٌ
رَفَّ وشْيًا فِي الصَّخْرةِ الجُلْمُودِ
أَنْتَ بَابُ السَّلامِ جِئتُ إِلَيهِ
ذَاتَ شِعْرٍ أَنِدُّ فَوقَ الوفُودِ
مُسْتَقِيمًا عَلَى اعْوجَاجٍ لَطِيفٍ
مُسْتَفِزًّا هَواكِ فِي التَّرْدِيدِ
كُلُّ أُنْثَى مِنَ العِرَاقَينِ عِنْدي
مِنْ وَرِيدِي أُحِبُّها لِلِوَريدِ
وَتَشَدُّ العُرُوقَ حَتَّى كَأنِّي
تّحْتَ جَذْبٍ مُقَدَّسٍ مَعْبُودِ
يَصْهَلُ الحُسْنُ إِنْ تَمَشّتْ قَلِيلًا
مِنْ يَمِينٍ إِلَى شِمَالٍ مَحِيدِ
والتَّواقِيعُ مَا اسْتَبَدَّتْ وَلكَن
أَفْصَحَ العَزْفُ عَنْ تَرِانِيمَ عُودِ
وَمجِيءٌ لَها ولَا كَمَجيءٍ
مِنْ بَعيدٍ كَنَوتةٍ مِن ورُودِ
بَابِلٌ أَنْتِ هَلْ تَسَامَعْتِ يَومًا
عَنْ حَضَارَاتِ عُمْركِ المَجْرُود
كُنْتَ صُبْحًا مُسَبَّحًا مِنْ نَبِيٍّ
مُسْتَلذًّا مُرتَّلًا مِن مَجِيدِ
وَالعَنَاوِينُ كُلُّهَا فِي تَبَابٍ
غَيرُ بَغْدادَ ذاتِ رَقْمٍ فَرِيدِ
دَامَ آشُورُهَا هِلالًا خَصِيبًا
فَتَظَنُّوا بُمُلِكِهِ عَنْ مَبِيدِ
تُسْجْدَ الشَّمْسَ فِي سِلَالِ الجَوارِي
فَتَمِيدُ القُدُودُ إِثَرُ القُدُودِ
حَيثُ عِشْتَارُ لا تَردُّ حَبيبًا
بَعْلَ إِيزِيسَ نِيلِهَا والصَّعِيدِ
فَتَسَمَّع بِكُوفَتَيهَا نَثيًّا
مِنْ أَبِي الطَّيِّبِ الفَتَى المَحْسُودِ
«كُلَّمَا أَنْبَتَ الزَّمَانُ قَنَاةً»
رَكَّبَ المَرْءُ سِنَّةً مِن حَدِيدِ
قَائِلًا فِيهِ مَا يَقُولُ عَليٌّ
ثُمَّ زِدْهُ الثَّنَاءَ بالتَّعْدِيدِ
يَا أبَا الطَّيِّبِ المُّحَمَّد عِنْدِي
خُذْ وَفَائِي وَخَلِّني للْجُحُودِ
كُنْتَ مِنِّي مَدًاخلًا لَمْ أَجِئْهَا
فِي طَرِيقٍ مُعَبَّدٍ لِلعَبيدِ
« وَأنَا مِنْكَ لا يُهَنِّئُ عُضْوٌ»
فِي المَجَامِيعِ نَفْسَه بِالخُلُودِ
فَاطّرِحْ بُرْدَةَ الإمَارَةِ عَنِّي
يَتَلَهَّى بِها عَرِيُّ البُرُودِ
يَا أبَا الطَّيِّبِ الشُّجُونُ ادّعَتْنِي
لغَصِيصٍ بَشَرْبةٍ مِن يَهودِ
فَاحْتَمِلْني أبَا المُحَسَّدِ شِلوًا
عَنْ كَوافيرِ الأَسْودِ الإخْشِيدِ
نَذْرَعُ البِيدَ أَوْ نُعبُّ الرَّكَايَا
رَكَبَ قَلْبٍ حُدَاهُ كالتَّنْهِيدِ
ولَنَا ذَيَّاك التَّلاقِي تَكنَّى
فِي الأسَامِي بِكُنْيةِ التَّوحِيدِ
سَوفَ لَنْ أَرْتَاحُ، الفُؤادُ انْتِباهٌ
أَنْ أَتَتْنِي نُبُوءةٌ عَنْ وُعُودي
مَا قِيَامي بَأرضِ «أثلة» إلا
مثْلَمَا قَامَ صَالحٌ فِي ثَمُودِ
مُصْعِدًا كُلَّمَا تَقَفَّيتُ نِسْرًا
لَمْ يُهضْني جَنَاحُ جَنبِي الجَهِيدِ
أَحمِلُ اللهَ فِي جُنُونِي كَأَنِّي
بَصَدِيقٍ يَفُكُّ عَنِّي قُيودِي
وَحُنُوٍ عَلَى حُنُوٍ حَفِيٍّ
لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيرُ حُبٍّ أكيدِ
فَتَعَالَي إِلَى التَّمَاهِي وَكُونِي
غَيرَ أُخْرَى تَعِيشُ كَزَّ البُرُودِ
كُنْتَ لا شَيءَ فاسْتَمِرِّي إِزَائي
أَوَ فَقُومِي وَفَارِقِي أَوَ فَعُودِي
وَعَراقٌ يَجِيء مِنِّي عَراقًا
فَانْقُصِي مِنْ هَواهُ أو لا فَزِيدِيِ
لَسْتُ كالنَّاسِ إِنْ تَبَاهوا بَأصْلٍ
أَعْلَمَ الدَّهْرُ أَهْلَهْ عَنْ جُدُودِي
لَحْنُ إِنْسَانِ وَقْتِهِ نَتْشَويًّا
خَلْفَ ظَهْري تَرَكْتَ كُلَّ الحُدودِ
لَعْنَةُ الحَرْفِ إنْ تَصَنَّمْتِ لفظًا
والضَّلالاتُ كلُّها فِي الوَحِيدِ
فَاتْرُكِي المَاءَ صَاعِدًا للسَّواقِي
فَالورَاءُ المَقِيتُ ضدُّ الصُّعُودِ
وَدَعِينِي دَقِيقةً كَي أُصَلِّي
دَونَ خَوفٍ ورِقْبَةٍ أَوَ شُرودِ
مُطْمَئِنًّا إِلَى الإلَهِ جَمِيلًا
يَتَعَالى عَنِ القَبِيحِ البَلِيدِ