د.عبدالعزيز الجار الله
تستعد المملكة للبدء في دخول مبادرة السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر، وهي معالجة بيئية لإقاليم جافة من أجل تحويلها إلى مناطق زراعية وشريط زراعي كبير يحيط بالظواهر الجغرافية الجافة لجعلها رطبة لها وظائف متعددة: منتجة زراعياً، تخفيض درجة الحرارة، توفير مساحة الظل وتخفيف حدة سطوع الشمس، زيادة في قيمة الاقتصاد المحلي، توسع في مصادر الدخل، خلق فرص وظيفية، تقليل من الهجرة السكانية عبر تنمية القرى والتجمعات الصغيرة، توزيع السكان على البيئات المنتجة، تنوّع الإنتاج، الزراعي حسب مكونات الأراضي الزراعية، وصيد البحر، والتبادل التجاري المحلي.
هي منافع عدة ستغير وتحسن من أنماط وجودة حياة المجتمع السعودي الذي يكاد يتوقف أو عاش على أساليب واحدة وثابتة لسنوات طوال، إلا من تحولات سرَّعت من بطء الحياة الرتيبة، جاءت على شكل طفرات ودورات اقتصادية كما حدث في:
- الدورة الاقتصادية الأولى عام 1395هـ الموافق 1975م التي لم يدركها شباب هذا الجيل لأنها انتهت عام 1985، انتقل المجتمع عمرانياً من مباني الحجر والطين والمساكن التي تعرف بالعمائر الأسمنتية، إلى الطراز الأوروبي والأحياء السكانية الحديثة، وقفزت أسعار النفط من ما دون 10 دولار للبرميل إلى 60 دولاراً، ومعها قفزت (سلالم) رواتب الموظفين من ما دون الألف ريال إلى ما فوق 6 آلاف الريالات فتغيّر وجه المملكة حضارياً.
- الدورة الاقتصادية الثانية بدأت من ما بين أعوام 1424-1426هـ الموافق 2003-2005م وحتى 2015م، شهدت المملكة طفرة بناء مشروعات الدولة لبعض مؤسساتها منها المدن الإنتاجية: الطبية، والتعليمية الجامعات مجمعات المدارس، ومدن المعرفة، والمدن الصناعية، والمدن الاقتصادية، ومشروع الابتعاث وهذه المشروعات عاش تفاصيلها هذا الجيل وأكملت خطط الدورة الأولى.
أما السعودية الجديدة والحديثة والتي بدأت عام 1436- 2015 بكل تشكلها الثقافي والإنتاجي، وتحولاتها الحضارية والسكانية والعمرانية، والأداء الاقتصادي والاستثماري، والتغيّرات في أنماط معيشة السكان فكانت شاملة بلا دورات اقتصادية متقطعة، بل تمدد أفقي ورأسي في كل نواحي المملكة مشروعات: الطاقة والغاز وسياسات هذا القطاع، الطرق والنقل والمطارات والقطارات، وبناء هياكل الوزارات والهيئات، وفتح الحياة الاجتماعية لتحويل المجتمع إلى طاقة منتجة، تنوّع في مصادر الدخل، استثمار البيئة وتحويلها إلى مورد اقتصادي نشط، كذلك تعدد مداخيل الاستثمارات، العناية بالتشريعات الإدارية والهندسية، بناء اللوائح والأنظمة.
ولتحقيق هذا الحلم الكبير جاءت رؤية السعودية 2030، التي من أفكارها ومبادراتها: السعودية الخضراء، لخلق مفاهيم جديدة في تحسين جودة الحياة السكانية والتنمية والإنتاجية.