- 1 -
تمتد صداقتي للأستاذ الدكتور عبدالمحسن القحطاني على مدة نصف قرن وقد سبقته في التخرج من كلية اللغة العربية بالرياض عام (1388هـ) أما هو فقد تخرج من الكلية عام (1391هـ) ولكننا تزاملنا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه في قسم الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر فكان أبو خالد نعم الأخ والصديق وقد أكرمني مرات عديدة بدعوتي للمشاركة في أسبوعيته الثقافية وفي ملتقيات وندوات النادي الأدبي الثقافي بجدة عندما كان رئيساً للنادي كما شارك في تكريمي في اثنينية عبدالمقصود خوجة وفي حفل التكريم في مركز الملك فهد الثقافي برعاية صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض وغير ذلك من الفعاليات الثقافية.
- 2 -
يمتاز الدكتور عبدالمحسن بإحساس مرهف بموسيقا الشعر العربي ومعرفة عميقة بكل التطورات والتحولات التي طرأت على نغمات القصيدة العربية ولذلك نجده يحقق كتاب (القوافي) للأربلي ويصدر كتاباً عن نادي جدة الأدبي بعنوان (معيارية العروض وإيقاعية الشعر) وينشر بحثاً عن آراء الأربلي في القافية وآخر عن شعر حسين عرب بين اللغة والإيقاع.
ويقدم محاضرات تخصصية في العروض والقافية وأذكر أننا عندما كنا ندرس في كلية اللغة العربية بالأزهر وكان علينا أن نؤدي اختباراً باسم (اختبار التعيين) يقوم على أن يحدد أساتذة القسم لكل طالب في مرحلة الماجستير صفحات من كتاب تراثي كأمالي القالي وزهر الآداب للحصري والكامل للمبرد ثم تتم مناقشته من قبل أستاذين أو ثلاثة من علماء الأزهر في كل ما له علاقة بهذا النص من نحو وصرف وبلاغة وعروض وقافية ومن حيث مواطن الإبداع والجمال في النص أو جوانب الضعف والقصور فيه وكنت استعد للجلوس للاختبار ولكني توقفت عند استشكالات عروضية في ذلك النص فاستعنت بأبي خالد فأوضحها لي وكان مشهوراً بذلك منذ دراسته الجامعية كما ذكر لي أستاذنا المشترك الأستاذ الدكتور عبدالقدوس أبو صالح شفاه الله.
- 3 -
ومن أهم مجالات اهتماماته التراثية أن اتجه إلى ميدان تحقيق التراث العربي القديم وكانت رسالته لدرجة الدكتوراة في الأزهر في (تحقيق كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار) للشمشاطي بإشراف أستاذنا -المشترك- الدكتور حسن جاد فحقق أبو خالد الكتاب تحقيقاً متقناً كما شهد بذلك المشرف ولجنة المناقشة مع أن كتاب الشمشاطي يحتوي على كمّ هائل من نصوص الشعر العربي ويحتاج من يقوم على تحقيق مثل ذلك الكتاب إلى معرفة واسعة عميقة بمكتبة التراث العربي المتنوعة وقد أثنى أستاذنا (حسن جاد) على قدرة القحطاني على التحقيق ولا أدري لماذا تأخر أبو خالد في طباعة الكتاب مع أهميته.
- 4 -
في عام (1427هـ) أصبح القحطاني رئيساً لمجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي في جدة وكان قبل ذلك عضواً في مجلس إدارته فعمل جاهداً على تطوير النادي وإنشاء مقر جميل له وتنظيم ملتقيات وندوات وإصدار مطبوعات ذات قيمة مميزة.
وعندما غادر النادي لم يرض أن تنقطع أواصر الصلات بينه وبين المثقفين فأنشأ (مركز عبدالمحسن القحطاني للدراسات الثقافية) وأسس (أسبوعية القحطاني الثقافية) ودعا إليها كبار الأدباء المثقفين السعوديين والعرب وكان لي شرف الحديث فيها وحضور بعض أمسياتها عندما أكون في مدينة جدة وقد أصدر تلك المحاضرات في عدة مجلدات وهنا لا بد أن أتوقف عند أسلوب القحطاني في الترحيب بالمحاضرين عندما يلقي - ارتجالاً - مقطوعات أدبية منمقة تدل على أسلوب أدبي متميز وفكر عميق ولغة عربية سليمة يزيدها بهاءً وجمالاً نغمة عربية أعرابية تنقلك إلى عصور الفصاحة العربية وتذكرك بفصحاء العرب الذين يملكون ناصية البيان.
** **
- د. محمد بن عبدالرحمن الربيّع