«الجزيرة الثقافية» - محمد هليل الرويلي:
في قضية ثار حولها جدل طريف، حول كتاب الرويس المُهدى، بين مناصرين حاولوا تخفيف وقع الصدمة وعودة الكتاب لصاحبه، وآخرين تناولوا القضية من جوانب أخرى.. بدوره طرح الباحث والكاتب الأستاذ قاسم الرويس القضية وصاحبها جمع من الممكنات وسلة من الأعذار تصحبها الطرافة والتعليقات الساخرة والإسقاطات في قضية ثقافية دارت حول «إهداءات الكتب».
«الثقافية» تابعت هذه القضية واتصلت بالرويس مباركة أو متسائلة كيف تمت عودة الكتاب لصاحبه، وما المشاعر المصاحبة لهذا التلاقي، فأجاب الباحث والكاتب قاسم الرويس:
شاء الله أن تقع بين يدي أثناء جولتي في أحد معارض الكتاب المستعمل نسخة من كتاب لي أهديته بتوقيعي، محبة وتقديراً، لدكتور فاضل في إحدى الجامعات؛ ربطتني به وشائج أدبية ومناسبات ثقافية!
ولا أخفي عليك فقد خالجني لأول وهلة شعور بالضيق وربما إحساس بالندم - بغض النظر عن الطريقة التي خرج بها من يد المهدى إليه ووصل إلى الكتاب المستعمل - خاصة أنني لست ممن يتصدرون منصات التوقيع، في معارض الكتب، ليهدون كتبهم، بتوقيعهم؛ كيفما اتفق بعد أن يدفع المهدى إليه ثمنها! فأنا لا أهدي كتبي عادة إلا لمن تربطني به علاقة أو لمهتم يطلبها مني وفي كل الأحوال أنا الذي أدفع الثمن وربما تكاليف الشحن أيضاً!
وأضاف على الرغم من عدم توقعي أن أجد هذه النسخة بالذّات في (الكتاب المستعمل) لأن المُهْدَى إليه «شخصية ثقافية وأستاذ جامعي» والكتاب من الكتب التاريخية، المهمة، إلا أنني عندما فكرت بواقعية وجدت أنها هدية انتقلت إلى مُلكِه؛ وله الحق أن يصنع بها ما يشاء سواءً باقتناء أو إهداء، أو بيع، فلماذا الضيق بوجوده في المستعمل؟!
وقد راودتني الفكرة التي نفذها ذلك «الكاتب البريطاني» بإعادة النسخة ذاتها بإهداء جديد إلى الشخص ذاته مرة أخرى وطرحتها تساؤلاً في حسابي على (تويتر) ففوجئت بكمية التفاعل غير المسبوق إذا بلغت أكثر من (100) ألف مشاهدة خلال (24) ساعة فقط، وهو ما أكد لي أن إهداء الكتب رغم أنه عرف ثقافي سائد أشبه ما يكون بـ(زفة الكتاب) إلى الأصدقاء والمثقفين والمهتمين إلا أن التخلص من الكتب عامة والكتب المُهداة خاصة أصبح ظاهرة ثقافية تستحق الدراسة! ووجدت لدى معظم المثقفين تجارب سلبية مع هذه الإهداءات!
فيما نصحني أحدهم بأن الناس لا تثمّن إلا ما تدفع مقابله مالاً من جيوبها! ونصحني آخر بألا أفرض خياراتي على الآخرين بالإهداء! ونصحني ثالث بأن من يحتاج الكتاب يذهب إلى المكتبة ويشتريه! وقال رابع إذا كان الكتاب يستحق فسيضطر لشرائه!
وزاد: الحقيقة الغائبة ومن واقع تجربة شخصية؛ أن المؤلف الذي يبذل جهده ووقته وماله أيضاً ما إن ينشر كتابه حتى تكتنفه طلبات الإهداء من محبيه الذين يفترض بهم أن يشتروا كتابه دعماً له ليستمر هو في نشر بقية مؤلفاته، بل تأتيه طلبات الإهداء من شخصيات كبيرة كان يظن دعمها له بشراء كتابه فخاب ظنه! فهم يظنون أن طلبهم الإهداء هو غاية الاحتفاء بكتابك والتعبير عن محبتهم لك وأنت تظن أنهم هم أول من يشتريه دعماً لك وشتان بين تفكيرهم وتفكيرك، وما يضايقني فعلياً هو أن كثيراً منهم يعتقد بأن نشر الكتب يؤدي إلى ثراء المؤلف فيا ليت شعري هل من سبيل إلى ناشر ينشر لنا بدون مقابل؟! أو إلى جهة حكومية تقدم لنا الدعم بالنشر أو شراء الكتب؟!
وبشكل عام سيظل الإهداء لمن يستحق واجب ثقافي ولكن يجب إيقاف الإهداء لمن لا يستحق أو التوقف عن التوقيع على الأقل.