محمد عبد الرزاق القشعمي
تعود علاقتي به إلى ما قبل ثلاثين سنة، إذ كلفت بإدارة مهرجان شباب مجلس التعاون الخليجي (للشعر والقصة والمقال) في مدينة أبها عام 1409هـ، وطلبنا من بعض الجامعات السعودية ترشيح عدد من أساتذتها لإدارة وتحكيم اللقاءات الشبابية، وكان من بين من رشحته جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور القحطاني إلى جانب أساتذة من جامعات أخرى أذكر منهم: مرزوق بن تنباك وعبدالله المعطاني وسعد الناجم وغيرهم.
ولدماثة خلقه وسعة صدره وحبه للجميع استمرت علاقتي به، حتى إنني شجعت أخي عبداللطيف للانتساب بالجامعة وفعلاً ذهب وقابل الدكتور عبدالمحسن فوجد عنده ما شجعه على المواصلة حتى حصوله على البكالوريوس. وكان ينقل لي الأخ عبداللطيف تحياته وسلامه في كل مناسبة.
قابلته مرة أخرى بالنادي الأدبي بجدة وهو عضو بمجلس إدارته عام 1416هـ، وتكرر اللقاء بداية عام 1421هـ بأثنينية عبد المقصود خوجة بجدة عند تكريمه للرائد عبدالكريم الجهيمان، وتعددت بعد ذلك اللقاءات في المناسبات الثقافية بالرياض وجدة، وتعمقت علاقتي به، إذ وجدته مرحباً ومبتسماً ومرحاً ومتواضعاً ومبادراً لأي عمل اجتماعي يشارك به خصوصاً المشاركة الثقافية محاضراً أو عضواً في ندوة، وكان لا يتردد في تبني العمل الذي يعود بالفائدة للمجتمع.
دعاني للمشاركة في (ملتقى قراءة النص الثامن عن السيرة الذاتية في الأدب السعودي) عندما كان رئيساً للنادي الأدبي بجدة في الفترة من 25-27 / 3 / 2008م، وكانت مشاركتي بورقة (الذاتي والموضوعي في السيرة الذاتية لدى عبدالرحمن منيف).
كما دعاني لحضور المؤتمر الدولي الخامس عشر لجمعية لسان العرب بالقاهرة في 8 نوفمبر 2008م، بعنوان (محنة اللغة العربية وعلاقتها بتقليد المغلوب للغالب)، وقد كان القحطاني رئيساً لهذا المؤتمر، وسعدت بصحبة الدكتور مرزوق بن تنباك وعوض القوزي – رحمه الله -.
قابلته بمعرض القاهرة الدولي للكتاب مرات عديدة، وحضرت له مشاركاته في النشاط الثقافي بالجناح السعودي وغيره، وعرفت شيئاً من علاقاته الواسعة بالمثقفين وأساتذة الجامعات المصرية المختلفة من جامعة القاهرة إلى جامعتي المنيا والمنصورة وغيرهما، ولما يتمتع به من أخلاق فاضلة واحترام للجميع فهو مكان تقدير واحترام، وعرفت أنه خصص جوائز تشجيعية لمدرسي وطلاب أقسام اللغة العربية بكلية دار العلوم باسم (جوائز عبدالمحسن القحطاني لدعم البحث العلمي).
استضفته وسجلت معه في مكتبة الملك فهد الوطنية ضمن برنامج (التاريخ الشفهي للمملكة) عام 2011م، وقال إنه بصدد كتابة سيرته الذاتية، وفعلاً صدر الجزء الأول منها بعد سنوات قليلة باسم (بين منزلين.. سيرة ذاتية)، اتبعها بالجزء الثاني بعد أربع سنوات. قال في إهدائه لي الجزء الأول (... هذه سيرة تقاطعت أو تشابهت مع سيرتك.. لك ودي). والتي وجدت بها معاناة جيل بكامله، بعد وصوله – مع والده وأخويه اللذين يكبرانه – للرياض وهو طفل صغير، وليس لدى والده ما يقتات منه وأطفاله. إلا أن يذهب للشيخ ليعينه مؤذناً في مسجد بأحد أطراف الرياض، وهو أحد الأحياء الشعبية العشوائية. وقد استرسل كثيراً في وصف الحياة الاجتماعية لهذه الأحياء. فإذا كنت في (بدايات) أصف وسط الرياض الحي الرئيس (دخنة) وما جاورها، فهو ينقل لنا صور وأحوال القادمين من البادية أو المدن والقرى الواقعة جنوب الرياض، والذين يبنون مساكن شعبية تقيهم البرد والقر، ويصف لنا مشاهد ومواقف مضى عليها أكثر من ستين سنة، تستحق أن تروى لولا ضيق المساحة، ولعلها دعوة وتشجيع لمن لم يقرأ هذه السيرة أن يبادر، ففيها من المعلومات ما يستحق.
بعد أن تقاعد من العمل بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة – كلية الآداب – وترك رئاسة النادي الأدبي، انشأ (مجلس القحطاني الثقافي) وهو ملتقى أسبوعي يستضيف فيه الأدباء والمهنيين منذ سبع سنوات، وينشر ما يلقى به من محاضرات أو ندوات، وقد تكرم ودعاني للمشاركة في هذا الملتقى أكثر من مرة، ولم يتسن لي المشاركة به إلا في عام 2019م على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب في منزله العامر بحي الشيخ زايد بالقاهرة وكانت المشاركة عن (النشاطات الثقافية السعودية المبكرة في مصر) وقد فوجئت بالعدد الضخم من الأكاديميين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات المصرية ومن ضيوف المعرض من السعوديين، وعلمت أنه يقيم مثل هذا النشاط عندما يكون في القاهرة.
تحية تقدير وإعجاب لأبي خالد ونشاطه المتجدد والمتواصل، وشكراً للمجلة الثقافية بجريدة الجزيرة تكريمها لمثل هذا الرجل.