وعندما يطول الغياب تتلهف الروح وتتطاول رقبة الشوق رغبة بالعناق ومصافحة أغلفة مختلفة الألوان والعنوان.
وكان اللقاء، كعطش أنهكه حنين الورق ومرئي الكتب، وعناوين الدور والأجنحة المشاركة، فكان اللقاء يشبه لقاء الأحبة وحميمية الأصدقاء. وانبهار الإعجاب ودهشة عمت الأرجاء. فلم يكن معرضًا مكرًرا، ولا معرضًا تقليدًيا مملاً، ولم يكن حدثًا عادًيا؛ بل كانت فكرة تم إعدادها من ألق الدهشة، ومن فكر القامات ومن عتاقة الثقافات ومن مصافحة المنارات التي لها بصمة وعلم وفكر وثقافة معرفية وأدبية وفنية. لا يسع الزائر للمعرض إلا الفخر والشعور بالسعادة والامتنان..
حدث لا يقتصر على فرد، بل ما كان من تنوع جذب العائلة بكل أفرادها وأطفالها..
كل ما هنالك كان مثالياً، متقنًا، متفانياً، لافتًا.. جذاباً سهًلا وممتعًا..
ورغم مشاركتي بالمعرض بإصدارين، إلا أنني لم أقف طويلا للترويج لهما،
كان هناك شعورًا ملحًا، أنانيا، لذيذا؛ يدفعني لزيارة المعرض، وحضور الندوات واللقاءات الثرية والأمسيات الرائعة . كانت رغبة في طي أمنية تسحبني من ياقة دهشتي للفائدة والمتعة . حدث يضم جمال وثقافة وأدب الدول لخليجية والعربية كُتبًا وكُتابا وبناء على ذلك التنوع الحضوري، واختلاف رغبة الزيارة للمعرض حتى أصبح المكان كطواف أخير، أو وداع أخير وحفل ختامي
تتعارك الخطوات في سباق الدخول، وازدحام الحضور أعاد الكثير لمنازلهم
وهذا الازدحام يضع علامة استفهام لأسئلة صرخت بها أرضيه المعرض
هل زاور المعرض كلهم يقرأون؟
وهل الكتب الموجودة البارزة على رفوف الدور كتب تستحق المشاركة بالمعرض؟
وهل العناوين السيئة للكتب تساهم في جذب القارئ؟ أم تسيء للذوق الأدبي؟
هل ستكون هناك إحصائية لنوعية الكتب المباعة، وإحصائية عن أسباب جمهرة الزوار من أجل الثقافة أم من أجل مشهور ساهمنا في شهرته؟
صراحة يختلط في داخلي شعوران: شعور السعادة والاطمئنان المستقبلي، إن كان الزحام من أجل القراءة والثقافة والبناء المعرفي. وشعور آخر خائف يواري حسرته وأسفه وخوفه!
إن كان الأمر صورة هشة أو نوع من أنواع البرستيج أو رغبة الاقتناء للإبهار أو الاكتفاء بالحصول على صورة وتوقيع الكاتب من أجل وسائل التواصل دون الإلمام بمحتوى النص الأدبي. آمل أن الشعور الأول يتفوق على الشعور الخائف فالإجابة مازالت خلف ستائر الغد.
** **
- نسيم منور