إن حديثي عن أستاذي الدكتور عبدالمحسن القحطاني, هو حديث الابن عن أبيه, وحديث التلميذ عن معلمه, وحديث الطالب عن أستاذه, فقد طالني بكريم اهتمامه, ورقيق حرصه منذ المحاضرة الأولى لي معه في الجامعة, فمد إلي يد عنايته تعليمًا وتوجيهًا وإرشادًا وتدريبًا على التعامل مع النصوص الأدبية, ثم كان أن دلني إلى طريق النادي الأدبي الثقافي فاتحًا المجال أمامي للمشاركة الفاعلة في مشهدنا الأدبي والثقافي فتوجت ذلك بكتابي الذي كان الدكتور القحطاني أكبر داعم لي على إنجازه «قراءة في ملتقيات قراءة النص».
ثم استمر به همّه الذي لازمه حتى بعد تركه كرسي رئاسة النادي الأدبي ليؤسس لأسبوعيته الثقافية التي تُعنى باستقطاب واستضافة أعلام فكرية, ونُخب أدبية, ورموز ثقافية, وقمم تربوية, الحكمة ضالتها, والمعرفة هدفها وقصدها, ولقيا الأحبة محرّكها ومقوّمها, وتناقح الأفكار وتلاقحها ديدنها وزادها, وكان أن شرّفني أستاذي الأكرم بأن أكون أول تلميذ من تلامذته ينال حظوة إدارة لقاء من لقاءات هذه الأسبوعية الرائدة, وتحديدًا الأمسية الثالثة, وكانت من تقديم أ.د.عزت خطاب, بعنوان: «حديث الذكريات», وكنت بعدها بتوفيق من الله, ثم بجميل ثقة أستاذي, وحسن ظنه الأكثر حظوة في عدد الأمسيات المدارة, وكان دأب أستاذنا الدكتور عبدالمحسن, الحرص ما استطاع على أن يُدير هذه الأمسية طالب من طلابه الذين شرفوا بالتتلمذ على يديه في مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا.
الحديث عن أستاذنا الدكتور عبدالمحسن القحطاني حديث متشعب بتشعب عطائه, عميق بعمق فكره وهمّه وهمّته, جميل بجمال روحه وسريرته, راق برقي تواضعه وصدق تجربته. لا يُذكر المشهد الأدبي والثقافي عندنا وإلا ويطلّ عطاؤه وحضوره وإسهامه كالنار في رأس العلَم في أعالي القمم.
** **
- د. ياسر أحمد مرزوق