مهداة لأديبنا الدكتور عبد المحسن القحطاني
قد قرأناك بين منزلتينِ*
في كتابِ الرؤى على المنزلينِ
منزلٍ بالعراءِ زفَّ يتيماً
طرَّز الغيبُ منهُ للغربتينِ
منزلاً ذائباً به التبرُ والتذ
كارُ تبكي لهُ دموعُ اللجينِ
قدَّرَ اللهُ حكمةً كيف شاءت
حينَ أحيا الرضيعَ بالأسودينِ
دونَ أمٍّ وعمهُ دون مأوى
بانشطارِ الأقمارِ والفرقدينِ
والدٌ ضمَّهُ وأضفى حناناً
رغمَ أنفِ الظروفِ والقريتينِ
طفلهُ حولَ بئرِ ماءٍ أجاجٍ
يشربُ الـمُرَّ مَرةً مرتينِ
كابدَ العيشَ يضربُ الأرضَ حبواً
وفراشُ الأشواكِ تحتَ اليدينِ
كلَّما يزحفُ الرضيعُ وإذ
بالشوكِ مغروزهُ على الركبتينِ
عرفَ الصبرَ حينَ صارَ صبياً
معْ مُرَبِّيهِ صارعَ الحدثينِ
ينهلُ العلمَ والمعارفَ حتى
شبَّ حيثُ استتبَّ في الجوهرينِ
وتوارى أبوهُ يومَ وداعٍ
ليسَ من بعدهِ غرابٌ لِبَينِ
رحمَ اللهُ والديهِ ومن كا
نوا لهُ بالإحسانِ كالوالدينِ
شدَّ رحلاً تجاهَ كعبةِ بيتٍ
حجةً يرتجي بها المغنمينِ
طاف حتى سعى وبين الصفا
والمروةِ الانبثاقُ من قمرينِ
حصةُ الدعوةِ التي تمَّ منها
بالنواصي عقدٌ وزمزمُ عينِ
أمُّ أبنائهِ ثرىً للثريا
أثرٌ للثراءِ في الحالتينِ
حافزٌ لاستكمالِ جهدٍ جهيدٍ
قافزٌ من حجازهِ الحاجزينِ
بعدَ نجدٍ لهُ طريقٌ لمجدٍ
فوقَ أرضِ الأحلامِ والقطبينِ
قد رأى لونَهُ المفضَّلُ
ما بينَ تداريجِ موجةِ اللونينِ
جاور الأهرامَ استحلَّ بنيلٍ
شُرفةً للضياءِ في الأزهرينِ
وأحبَّ الهدوءَ عن صخبِ جوٍّ
خفَّةُ الظلِّ منهُ بالقالبينِ
وبتغريبةِ الهلاليِّ أمضى
رحلةً أشرقت على المغربينِ
ومعَ التِّمزَ والأمازونَ أجرى
في حوارٍ حكايةَ النهرينِ
حالُ لا وعيهِ بميزانِ وعيٍ
لم يقع في تضاربِ الكفَّتينِ
ثابتِ المبدأِ القويمِ تسامى
سِعَةً شيمةً على القيمتين
والقوانينُ كلُّها لم تُقِفهُ
عن صنيعِ المعروفِ بالأصغرينِ
وطنيٌّ أحبَّ خيرَ بقاعٍ
قبلةَ المسلمينَ والحرمينِ
عشتَ يا أيها الأريبُ كريماً
هرماً للآدابِ كابنِ الحسينِ *
حسبكَ القدرُ والمآثرُ تترا
آيةً آيةً على الوترينِ
فاعزفِ الملتقى وهذا غذاءُ
الفكرِ أين الزمانُ منهُ وأيني
قد فككتُ القيودَ لم يبقَ إلا
في المدى أن يسُدِّدَ الحرفُ ديني
** **
- سعود بن كايد البلوي