كقامة ومقامة ومكانة وكطائر مرفرف مترف بالشوق والتوق وشهامة الحضارة ووسامة الثقافة يحضر في ذاكرتي الأستاذ الدكتور عبدالمحسن بن فراج القحطاني كشريط سينمائي أول لقطاته تلك التي علقت بالذاكرة أيام دراستي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة وبها كانت معرفتي الأولى بشخصه الكريم عندما كان يعتلي منبر الخطابة في بعض حفلات الجامعة ويرتجل الكلام ارتجالاً ومن وقتها أسرني هذا الرجل بأسلوبه في الكلام وحل سويداء القلب بعباراته الجميلة وكلماته الجزلة الفصيحة وبدا لي ممتلئاً بصلابة الثقافة والابداع وكأنه يغرف من بحر، وذلك ليس بغريب على أستاذ جامعي مرموق في اللغة والأدب والنقد وصاحب أفق معرفي واسع وذاكرة حافظة تميل إلى المسموع أكثر من المقروء إلى جانب ما يتمتع به من حسن الالقاء ولعلها من المؤهلات التي جعلته يحتل هذه المكانة في نفسي ونفس كل من عرفه وأصغى إلى بعض محاضراته وكلماته وتعليقاته ومداخلاته التي تحمل شخصية الكليم والمتكلم وتحمل معها روحاً شفافة تترجم بعض مباهج اللغة وجدايل المعرفة.
وكانت ثاني وثالث تلك اللقطات التي قربتني منه أكثر وأكثر اثنينية الوجيه الشيخ عبدالمقصود خوجة شافاه الله وعافاه، ثم في أروقة ومنبر نادي جدة الأدبي الثقافي الذي كان مشاركاً في اغلب فعالياته ونشاطاته ثم رئيساً له وما تحقق له في تلك الفترة من منجز واضافات لمائدة الأدب والثقافة والإبداع، ثم كان المشهد الأخير الذي يستحق الاسترسال فيه من خلال أسبوعيته الثقافية الشهيرة بجدة التي سجلت حضورها المميز واللافت في المشهد الثقافي وكانت موازية لأنشطة الاندية الادبية بل تفوقت عليها بامتياز، وهي تدخل هذا العام عامها العاشر واستضافت نحو (100) شخصية من رجال الفكر والأدب والثقافة ووثقت مسيرتها من خلال اصدارها السنوي الشامل فأصبحت داراً ومداراً وحواراً و وقاراً وإكباراً وفخاراً وواحة ومسار للثقافة الشاملة في مدينة تعج بتفاعل الحضارات وتنوع الثقافات والحراك المتوهج.
هذا إلى جانب صالونه الثقافي الموازي بالقاهرة الذي يؤمه كبار مثقفي مصر والعرب ولذلك، وفي ختام هذه الكليمة العابرة التي لا تفيه حقه ومكانته السامقة اقول إن الأستاذ الدكتور عبدالمحسن القحطاني من الرجال الذين يستحقون التكريم على كافة الأصعدة بما قدمه عبر مسيرته الأكاديمية المشرفة بجامعة الملك عبدالعزيز وما أنجزه من بحوث ودراسات، ومؤلفات واسهامات في دعم مسيرة الثقافة والإبداع محلياً وعربياً.. طبت أبا خالد وطابت لك الأيام في مجيئك وسفرك وحضرتك وغيابك.
** **
- مشعل الحارثي