يعد الدكتور عبد المحسن القحطاني من الأدباء المخضرمين، فهو أدرك جيل الرواد في مرحلة شبابه، وأخذ منهم احترام العلم وجدية البحث، وأدرك في شيخوخته جيل الحداثة ودخل معهم في سجالات أدبية يكون المنتصر فيها غالبا.
تميز الدكتور عبد المحسن القحطاني بأنه نجح في أن يقف في خط الاستواء، ويتحرك في منزلة بين المنزلتين.فهو ليس تراثيا منغلقا على التراث، وليس حداثيا يدعو إلى الحداثة ويدافع عنها.
وحينما انتخب رئيسا لنادي جدة الأدبي الذي يعد محضنا للحداثة في السعودية ظل محافظا على وسطيته واستقلال موقعه الثقافي.
لقد عاصر الدكتور القحطاني موجة الحداثة منذ عصفت على الثقافة العربية حتى هدأت، وكان موقفه موقف العالِم الذي يرى أن المواجهة العاطفية لهذه الظاهرة ستحيلها إلى إعصار، فكان يجنح إلى التروي، وإعطاء هذا المذهب الأدبي الطارئ فرصة لكي يختبر ذاته، فإذا لم تتقبله البيئة العربية فلن يجد الرواج. ويرى أن الشعر العربي الأصيل هو النبع الذي يستمد منه المثقف العربي أصالة وجوده.
وقد حافظ الدكتور القحطاني على موقعه بين المنزلتين حتى في حراكه الأدبي، فلم يكن أكاديميا متشبثا بمناهج النقد وأدوات البحث الصارمة، ولم يكن ناقدا انطباعيا يستجيب لذوق مجرد من المعرفة النظرية، بل سعى إلى السير بين المنزلتين، فأخذ من المناهج النقدية ما اكسبه خبرة في تلقي النصوص، وقدم قراءات يتضافر فيها الذوق والخبرة النقدية.
وإذا كانت المعرفة لا تكون أصيلة إلا إذا ارتبطت بموضوعها، فإن النقد الأدبي بوصفه نمطا من المعرفة لا يكون أصيلا إلا بارتباطه بالأدب، وهذا الأدب قد يكون تراثيا وقد يكون حداثيا، وقد يتجلى في بيئة علمية كالجامعة وقد يتجلى في الصحافة أو في المنتديات، وكل هذه التجليات حظيت باهتمام الدكتور عبد المحسن.
وكان الناقد القحطاني يحرص في نقده على أمرين أساسيين هما سلامة اللغة واستقامة الوزن، ثم ينتقل إلى المقومات الأسلوبية التي تمنح النص فرادته.
إن الإبداع خاصية الإنسان، والأدب هو اللغة المعبرة عن شجونه وشؤونه، فحيث ما يوجد الإنسان يوجد الأدب، سواء في الجامعة أو في المنتديات أو في الحياة في واقعها البسيط، وحيث يوجد الأدب يوجد الناقد القحطاني، وهذا منح الدكتور عبد المحسن حضورا مكثفا، حيث يمارس النقد في حيوية ممتدة في الجامعة وفي النادي وفي الاثنينية وفي مناحي الحياة..
سيظل الدكتور القحطاني علامة بارزة وأيقونة مستقلة ومتفردة في المشهد الأدبي السعودي والعربي.
** **
- د. حمد السويلم