(1) فاتحة!!
سنوات ضوء يا أخي (القحطاني)
ترنو إليك وكلهن معاني
تنساق خلفك بهجةً ومحبَّة
وتقول كم قدَّمت من برهان
هذي لقاءات الثقافة والنُّهى
تغدو فناراً ثابت الأركان
ويقودها بمحبَّة نَحْوَ العُلا
هذا العصامي صاحب الإتقان
أنعم به متحدثاً ومُفكِّراً
ومتوَّجاً بروائع التِّبيان
(2) قبل أيام معدودة وتحديداً في مساء السبت 21 / 12 / 1442هـ، كنت في ضيافة أستاذنا الدكتور عبدالمحسن القحطاني برفقة الزميلين مشعل الحارثي وسعيد الفرحة الغامدي، جئناه مسلِّمين ومعايدين ومهنئين بعيد الأضحى المبارك ومطمئنين على صحته بعد غيبة طويلة بسبب الجائحة الكورونية التي فرضت علينا التباعد!!
وما هي إلا أيام وتأتيني صحيفة الجزيرة بهذا النبأ الاحتفائي لهذه الشخصية التي أحمل لها كل الاحترام وأعتز معها بزمالة ومحبة ورفقة حرف يعلم الله مداها. ولذلك تجيء هذه المشاركة تقديراً وتوثيقاً واحتفاءً!!
# # #
(3) ومن نافلة القول، إننا نحتفي برمزٍ ثقافي، ووجهٍ أدبي، وعَلَمٍ أكاديمي، وقائدٍ إداري، وأستاذ جيل، احتفت به منابرنا الثقافية داخل المملكة وخارجها. وسجل اسمه ضمن المبدعين والنقاد والأدباء، وارتوى من علمه وأستاذيته الكثير من رموزنا الثقافية التي تتسنم أعلى الدرجات الأكاديمية. إنه سعادة الأستاذ الدكتور عبدالمحسن بن فراج القحطاني.
ومنذ أن تشرفت بمعرفته وأنا أقف احتراماً وإجلالاً وتقديراً له لدماثة خُلُقه وأستاذيته وشخصيته المعتدلة والمتزنة في حواراتها وطروحاتها وآفاقها المعرفية وسلوكياتها الإنسانية.
وقد توشجت بيننا أواصر الصداقة والثقافة منذ اجتمعنا سوياً في مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الثقافي (المعيَّن) في الفترة ما بين 1427هـ و1431هـ وحتى اليوم حيث الأسبوعية الثقافية وفعالياتها الممتدة طوال عمرها الفائت منذ إنشائها عام 1423هـ وحتى أوقفتها الجائحة الكورونية. منذ ذاك وحتى اليوم أجد في هذه الشخصية معالم التميز والفرادة التي صنعتها العصامية، وأشعر أن فيها توازناً واعتدالاً ووسطية، وأتساءل عن السر وراء ذاك كله، فجاءت الإجابة ضمن كتابه السيري: بين منزلتين الذي صدر جزؤه الأول عام 1435هـ وجزؤه الثاني عام 1440هـ.
# # #
(4) وعبر هذه المسيرة التعارفية وقفت على شيء من مكوناته الثقافية والمعرفية، فبحسب سيرته التعليمية فهو أزهري التخرج في درجة الدكتوراه، وإمَامِي [نسبة لجامعة الإمام محمد بن سعود] الدرجة الجامعية الليسانس / البكالوريوس، وهذا يعني تراثيته المتجذرة عبر هذين الموئلين في تكوينه الثقافي، ومنها أصبح ذا عمق تراثي لغة وأدباً ونقداً، تمدرساً وتثاقفاً، تحدثاً وارتجالاً وكتابة. ولكنه صقل هذه التراثية بالتثاقف الواعي مع المدارس النقدية المعاصرة وانفتح عليها وأفاد منها وتعالق مع طروحاتها ومقولاتها فاصطبغت بعض بحوثه ودراسته بشيء كثير من هذه المعطيات النقدية وتلك الأطروحات العصرية.
وهذا ما نجده في كثير من كتبه ودراساته ومحاضراته مثل كتاب: شعراء جيل / سرحان – عرب – مدني المنشور عام 1427هـ.
وكتاب: بين معيارية العروض وإيقاعية الشعر، المنشور عام 1417هـ.
وكتاب: الاختلاف والازدواجية، المنشور عام 2014م.
وبحثه عن: المصطلح الاستعلائي والسجال النقدي عام 1423هـ.
وبحثه عن: تعريف الشعر بالشعر عام 1425هـ.
وغير ذلك من الدراسات والأبحاث.
# # #
(5) ولقد توج هذه المسيرة الثقافية والأدبية بمشروعه الثقافي المتوهج إبداعاً وعطاءً وهو (الأسبوعية) التي يضمها (مركز عبدالمحسن القحطاني للدراسات والاستشارات الثقافية)، وهي صالون أدبي / ثقافي أسبوعي.
لقد بدأت فعاليات هذه (الأسبوعية) في الشهر الرابع من عام 1433هـ، وتعد أحدث الصالونات الثقافية الخاصة في جدة، وتنهض على فكر مؤسسي من بداياتها اشترك فيه الأبناء والأسرة لضمان الاستمرار والديمومة والاستدامة!!
وقد توجها بقوله: «إن هذه الأسبوعية لم تأت لتقلد شبيهاتها وإنما جاءت بحُلتها الخاصة لتتكامل مع غيرها من الصالونات والمنتديات... ولتكون واحدة من لبنات بناء ثقافة هذا المجتمع».
وقد انطلقت هذه الأسبوعية بأهداف نبيلة وسامية، جعلت التنوع الفكري سمة لها، لا تدعي النخبوية وتؤمن بالفكر الرصين والثقافة المتنوعة، ليست حكراً على كبار المثقفين والمفكرين، بل منبر لجميع الفئات!!
وبالفعل أضحت هذه الأسبوعية منارة إشعاع ومعرفة طوال سنواتها العشر السابقة، بل أصبحت هي البديل الأوحد – في جدة – بعد توقف الإثنينية لصاحبها عبدالمقصود خوجة (شفاه الله)، والأحدية لصاحبها الدكتور أنور عشقي (حفظه الله)، وغيرهما من الصالونات الثقافية في جدة!!
وقد تميزت هذه (الأسبوعية) بإصداراتها الثقافية التي ترصد وتوثق جميع فعالياتها عبر الإصدار السنوي والإصدار المرئي وفيهما تنشر جميع المحاضرات والندوات والمداخلات والحوارات عبر كتاب الموسم الذي وصل حتى الآن إلى تسع مجلدات صدر منها مطبوعاً الأعداد السبعة، وتحت الطبع الثامن والتاسع وسيصدران قريباً إن شاء الله.
وبهذا تتشكل شخصية المحتفى به الأستاذ الدكتور الأديب والناقد عبدالمحسن القحطاني، ليصبح رمزاً إبستمولوجياً وقائداً ثقافوياً، ورائداً تنويرياً له في صفحات المجد سجلات ناصعات عليها يتربى الجيل القادم ومنها تتفتح الأبواب على غدٍ ثقافي مبهج وجميل.
** **
- د. يوسف العارف