ليس بالضرورة أن تكون ممن عاصر رمزاً من الرموز لتتحدث عنه فقد سبق ومازال الحديث عن رموز كثيرة في شتى المجالات لم نجالسهم أو نعمل معهم ربما لهم مئات السنين وذكراهم تتجدد مع الأجيال من خلال سيرهم وأعمالهم فما بالك بأن يكون ممن تتحدث عنه مازال حياً ويمارس حياته الطبيعية ويعطي بلا حدود؟.
من نتحدث عنه اليوم هو الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني الأكاديمي المبدع الذي عاش كما تحدث عن نفسه يتيماً وبلغ ما بلغ من منزلة حتى الآن من خلال كفاح يعتز به ويفتخر ويذكره بتفاصيله الدقيقة مذ كان في الرياض والذي استعرضها في سيرته الذاتية في جزئيها الأول والثاني التي أرخها بين عامي 1367هـ وعام 1415هـ المشتملة على تاريخ حياته من الولادة حتى عمله معلماً بجدة وما بين السطور في تلك السيرة في جزئيها تحلق مع هذا الرمز لتتضح لك معالم الإنسان الذي صدق مع الله ثم مع نفسه ومع المجتمع الذي عاش ويعيش فيه حتى اليوم أحسب أن الكاتب السعودي محمد القشعمي خير من استعرض سيرته الذاتية في هذه الجريدة بطريقة ممنهجة ومرجعية صادقة.
الدكتور عبد المحسن القحطاني جمع بين العمل الأكاديمي والعمل الثقافي فضلاً عن أنه جعل من منزله بجدة منارة للفكر والأدب والثقافة وله في القاهرة التي انطلق منها في دراسته العليا منارة أخرى من خلال صالونه الثقافي الأدبي يستضيف فيهما الأدباء في كل مرة ينتقي ضيوفه بعناية ويجمع معهم الأحبة في احتفائية أسبوعية باسمه وطروحات لعلها تجد طريقها مستقبلا في نشرها يرصع بها المكتبة العربية.
لن نتحدث عن سيرته في مجال العمل الأكاديمي من حيث أعماله الإدارية ومؤلفاته والأبحاث والدراسات واللجان والعضويات ومشاركاته الداخلية والخارجية في الندوات والمهرجانات ولا ما حصد من شهادات تقدير وأوسمة وميداليات فقد يغني عن ذكرها الرجوع إلى مراجعها في الشبكة العنكبوتية ولكننا ومن هنا لابد من الإشادة بدوره الريادي في رئاسة النادي الأدبي الثقافي بجدة الذي تفرعن وقت رئاسته وأصبح علامة فارقة في مشروعات ثقافية لابد أن يذكر بها فيشكر وإن غفل عنها الغافلون عمداً أو سهواً فهو من مؤسسي هذا النادي قبل عشرات السنين وله بصمات واضحة سواء في مقر النادي كمنشأة أو في نشاطاته فضلاً عن حراكه الثقافي الأدبي بين مصر والسعودية وهو من طالب ذات مرة في مناشدة إعلامية لمعالي الدكتور عبد العزيز خوجة إنشاء صندوق لرعاية الأدباء.
البروف عبد المحسن القحطاني علم من أعلام المملكة والعالم العربي وإن ما تقوم به جريدة الجزيرة اليوم من خلال مجلتها الثقافية يعتبر جهداً مميزاً تشكر عليه وتكريماً لهذا المواطن الذي تخرج على يده آلاف الطلاب الذين انضموا لكوكبة العاملين في كثير من المجالات في هذا الوطن يأتي هذا في سلسلة اهتمامها بالرموز الذين خدموا الوطن وحققوا إنجازات في مجال عملهم وعضوياتهم داخل العمل وخارجه التي جميعها تصب في مصلحة التعريف ببلادنا في مجالات التربية والتعليم والعلوم والثقافة والأدب.
** **
- د.عبد الله أحمد غريب