منذ عرفت الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني أخا وزميلا وصديقا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة بحكم عضويته في هيئة تدريس قسم اللغة العربية، وأنا كعضو في هيئة تدريس في قسم المكتبات والمعلومات، وأنا أتابع مشاركاته الواسعة ليس فقط في نطاق الجامعة التي تقلد فيها أكثر من موقع سواء في كلية الآداب أو عمادة شؤون الطلاب أو عمادة القبول والتسجيل وأما في الوسط الأدبي والثقافي والمجتمعي بدءًا بترؤسه للنادي الأدبي والثقافي بجدة ومرورا بتقلده مسؤولية أمانة مجلس اثنينية عبدالمقصود خوجة وانتهاء بأسبوعيته الثرية بالحوارات واللقاءات والندوات العلمية والثقافية، وفي كل موقع من هذه المواقع وسواها كان الرجل يدافع عن اللغة العربية، والموروث الثقافي العربي سواء من خلال محاضراته وطروحاته العلمية أو من خلال مؤلفاته وتحقيقاته الثرية وفي كل مرة كان يضيف جديدا ويشدك إلى كنوز المعرفة ويقدم لك الكثير من مخزونه الباذخ شعرا ونثرا ودراسة وتحليلا واستنباطا وتخليقا.
كل هذا كان يقدمه الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني بصوته الرخيم ولغته الأنيقة وطريقة عرضه الجاذبة في المحافل الأدبية والثقافية داخل وخارج المملكة جنبا إلى جنب مؤلفاته المتصفة بالعمق والاستقصاء وذلك لطغيان شخصية الباحث والمحقق عليه، وإن كان مقلا في النشر عبر الصحف والمجلات العامة، وذلك ما كنت ألوم عليه زملائي في القسم الثقافي بجريدة عكاظ لعجزهم عن استقطابه للكتابة المنتظمة في الصحيفة لتعذره بأن ما يكتبه لا يتناسب مع طبيعة المضمون الصحفي الخفيف والسريع بحكم الصدور اليومي المتجدد.
ومع ذلك فإن صداقتي وإعجابي بالرجل بحضوري الاثنينية أو بعض لقاءات النادي الأدبي بجدة أو في أسبوعيته الجميلة في بيته.
وفي كل مرة أراه فيها أجده بمثابة مكتبة علمية متحركة يزيدها جمالا بساطته وكريم خلقه وحسن تعامله مع الناس، وتعففه ورقي تخاطبه مع الجميع.
وشخص مثله حري بوزارة الثقافة لدينا أن تستفيد منه وأن تستعين به في الكثير من الهيئات العلمية والثقافية التي تشرف عليها، وإن كنت أراه في موقع المسؤولية الأول «لمجمع سعودي للغة وأدب الجزيرة العربية» فهو من القلائل الذين يمتلكون القدرة لإدارة منشأة ثقافية تؤسس لهذا الغرض بعد أن فقدت الساحة فطاحلها من أمثال الأساتذة: حمد الجاسر وعبد القدوس الأنصاري وأمين مدني يرحمهم الله رحمة الأبرار ويسكنهم الجنة.
والأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني يعد في نظري من البقية الباقية من الرواد الأوائل في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى المحافظة على موروثنا وهويتنا جنبا إلى جنب مع متابعتنا لكل جديد في مجالات المعرفة الإنسانية المستجدة لقناعتي الشخصية بأن أي أمة لا تحافظ على موروثها وعطاء عقولها فإنها لا تستطيع أن تواصل مسيرتها نحو المستقبل الأفضل بقوة وثبات وأن تطبع مسيرتها الجديدة والمتجددة بهويتها المتميزة على مدى العصور.
مع خالص تمنياتي لأخي الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني بالمزيد من العطاء وطول العمر.
** **
- د. هاشم عبده هاشم