محمد بن عبدالله آل شملان
«إن لساني يعجز أن يتحدث عن الملك سلمان، وإنه مهما قال لن يوفيه حقه، ولو جزءاً بسيطاً مما يقدمه»، بهذه الكلمات لخص صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- حديثه عن شخصية وعبقرية والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- في اللقاء الذي أجرته إحدى الصحف المحلية بمناسبة تعيينه مستشاراً لأمير الرياض في شهر محرم عام 1431هـ.
وقال سموه: «كان يوصينا كثيراً قبل اختياره لي مستشاراً لديه ومنذ كنا صغاراً بثلاثة أشياء، يقول إن هذه الأمور الثلاثة لا أقبل النقاش فيها أبداً.. أولاً (الدين) فأي أمر يمس الدين لا أقبل فيه النقاش، وثانياً (معاملتكم للناس) حيث كان يحذرنا من أن يصدر من أي منا أخطاء على أي شخص من الأشخاص، وثالثاً (الدراسة) إذ كان يوصينا دائماً بالاهتمام بالدراسة ولا يمازح في هذا الأمر إطلاقاً وكان يشد علينا كثيراً في ذلك، وهذه بعض الوصايا الرئيسية وهي كثيرة جداً».
حين يتحدث سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عن والده فهو لا يتحدث من فراغ، لأنه أتى من بيت والده الملك سلمان.
هذا البيت الذي نقل سموه إلينا دفأه، وأطلعنا على الجو العائلي الحميم الذي يشيع فيه ويربط بين أفراده، وأوضح لنا القيم والتقاليد التي نشأ عليها فأثرتْ حياته، وشكّلت شخصيته وتجربته العملية، حتى أصبحت جزءاً من ملامح هويته، ومن المبادئ التي يسعى إلى ترسيخها في حياته الشخصية، ملقياً الضوء على جوانب من حياته وطفولته وتجربته العملية، وأثر القيم والمبادئ التي اكتسبها من والده على نشأته، واصفاً طفولته بأنها كانت مليئة بالدروس الملهمة، إذ تعلّم من والده الملك سلمان - أيده الله - الالتزام بتقوى الله لأنه هو الفلاح، والصمود أمام المواجهات والمشاكل، متطرقاً إلى خصوصية علاقته وإخوته بوالدهم الملك سلمان، التي قال إنه وإخوته قد تأثروا منذ الطفولة بها، واصفاً إياه بأنه مثال للعطاء والمحبة والتفاني والإخلاص في خدمة وطنه، قائلاً إنه تأثر بعزمه وشغفه بالالتزام بالوقت، وإنه مهتم بالعمل الخيري الذي يشرف عليه ويدعمه ويسعى لغرسه في نفوس أبنائه في صغرهم.
هذه الصورة التي رسمها سمو الأمير محمد للبيت الذي نشأ فيه نستلهم منها كيف يجب أن يكون البيت السعودي والعلاقة بين الأب وأبنائه وبناته، وهي صورة تزحزح ادعاء البعض أن مشاغلهم تمنع منح أبنائهم جزءاً يسيراً من وقتهم، فحين يمنح أب مسؤولياته بحجم مسؤوليات الملك سلمان أبناءه وقتاً لمرافقته في مجالساته وأسفاره ورحلات مقناصه، التي قرأنا عنها شيئاً من ذلك، تسقط كل المبررات التي يسوقها البعض لانشغالهم عن أبنائهم، وتتعاظم مسؤولية أولياء الأمور، هذه المسؤولية التي تبدأ من الصغر ولا تنتهي، حتى لو كبر الأبناء واستقلوا بحياتهم، حيث يصبح الوالد هو المرجعية الأولى للأبناء في شؤون الحياة المختلفة.
«الوقت لدى الملك سلمان يمثل شيئاً لا يقبل النقاش فيه نهائياً حتى أنه يغضب لو تأخرنا في مواعيدنا لدقائق فقط، وأحياناً في إجازاته -حفظه الله- عندما يكون لديه ارتباط معين وهنا أقصد ارتباطاً عائلياً وليس رسمياً وتأخرنا عنه ولو لدقائق معدودة يغضب كثيراً لأن الوقت بالنسبة له مهم جداً» هكذا وصف سمو الأمير محمد الطريق إلى المستقبل الذي عبّد طريقه في مجال تطوير الذات والده الملك سلمان -أيده الله- الذي تفانى في محبة وطنه وشعبه، وعمل على السير على منوال والده الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بالعدل والنظام ونشر التعليم والاهتمام بالرياضة والمسابقات الرياضية، بجانب معرفة أحوال المواطنين، مثلما جاء في حديث الأمير محمد، الذي أكد أن الملك سلمان لم يكن يحتجب عن مواطني منطقة الرياض، وكان يمارس مهامه الثقيلة الإدارية عندما كان أميراً لها أثناء مرافقته للأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- في رحلته العلاجية خارج أرض الوطن، مشيراً إلى أنه كان يتواصل مع الإمارة بشكل يومي ومباشر.
بيت الملك سلمان -أيده الله- كما نقل لنا صورته من الداخل ابنه سمو الأمير محمد -وفقه الله- هو البيت السعودي المثالي الأصيل، الذي يجب أن تكون بيوتنا كلها مثله، فهو بيت بسيط لا يختلف كثيراً عن بيوت أبناء المملكة، يهتم الأبناء فيه بأخذ الدروس والعبر من حياة آبائهم، ليثبّت قاعدة مهمة من قواعد التربية التي لا يختلف عليها أحد، قاعدة تقول: إن الأب هو المعلم الأول لأبنائه، وهو المصدر الأساس الذي يجب أن يستمد منه الأبناء دروسهم الأولى في الحياة، وأن يتعلموا منه الأخلاق والمبادئ والقيم التي يستلهمون منها أحكامهم وقراراتهم في قادم أيامهم.
هذه الأدوار حين تكتمل، مثلما اكتملت في بيت الملك سلمان -أيده الله-، يخرج منه أبناء نجباء مخلصون للوطن، مثل أنجاله الذين حرصوا على المساهمة مع رجالات الوطن على اختلاف مستوياتهم وأطيافهم في تحقيق أهدافهم بجعل وطنهم الذي هو وطننا وطناً استثنائياً بكل ما فيه وما يحتويه، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
«نسأل الله أن يقدرنا على أخذ جزء بسيط من اهتمام والدي بالوقت والتزامه به» بهذه الكلمات عبَّر سمو الأمير محمد -رحمه الله- عن صورة والده الملك سلمان، فأيُّ كلمات بعد هذه يمكن أن تقال؟
نحن بدورنا نقول لسمو الأمير محمد بن سلمان: كما رأيناك على الدوام أميراً حكيماً، وأميراً متواضعاً وزاهداً وورعاً، رأيناك كما هي صورة والدك، عملت بما استفدته من والدكم الملك سلمان، وعلّمت أبناء وطنك حبّ الدين ثم حب الأب وحبّ الوطن، أحببتهم، ورأينا ذلك تطبيقاً فأحببناك حتى صرت في وجداننا، يعاهدك أبناء هذا الوطن أن يكونوا كما أراد والدكم، وكما أردتم دوماً.
إن إنساناً في قامة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لا بد أن تُرفع له الأكف بالدعاء بأن يحفظه الله، وأن يمده بعونه وتوفيقه لخدمة هذا الوطن، وأن يحفظ المملكة العربية السعودية وشعبها، إنه سميع مجيب.