حضرت دورة الألعاب الأولمبية 2008، في بكين عاصمة الصين وشاهدت كيف استطاعت الصين أن تلفت أنظار العالم بروعة التنظيم وتطور بكين العاصمة الصينية خلال فترة وجيزة وبعدها نظمت شنغهاي أكسبو 2010 ونقلتهما بعد الحدثين لمدينتين راقيتين وعملت بجهد خلال السنوات الماضية للرقي بغالبية المدن التي تضع فيها حدثا ثم تطورها تفاعلا مع الحدث وبعد أن اكتملت منظومة المدن على كافة الأصعدة وفي جميع المجالات حتى انها استطاعت وقد رفع الناتج المحلي منذ عام 2008 من 4.6 تريليون دولار إلى 14.3 تريليون دولار، وفقاً لبيانات البنك الدولي.
هذا الرقم رغم الظروف التي واجهتها الصين مع الأزمات المتتالية كالأزمة العالمية والركود الاقتصادي أو مع العملاق الأمريكي خلال السنوات الماضية أو مع أزمة كورونا التي زادت الطين بله إلا أن بكين تمكنت وبكل اقتدار من تجاوز كل تلك العقبات بل أصبحت من أوائل دول العالم في القضاء على هذا المرض. والتعافي الاقتصادي السريع.
عندما كنت أعيش هناك أيقنت أن الدولة إذا أرادات أن تتفوق فيجب عليها تشديد المراقبة والمتابعة لكل صغيرة وكبيرة سواء في الشؤون السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية وحتى على المجتمع والقضاء على الفساد بشكل عام صغيرة وكبيرة وعدم تمكين الساسة وأعضاء الحزب من الرفاهية المطلقة وأن الحزب وضع لخدمة الشعب واشراف الدولة المباشر على كبرى الشركات العامة حتى تمكنت الصناديق السياسية والبنوك المركزية من ضخ الأموال لهذه الشركات لبناء دولة اقتصادية عالمية مدعومة بالتقنية والذكاء الاصطناعي حتى استطاعت جذب الشركات العالمية للاستثمار في الصين ومن ثم تعاونها مع الشركات الحكومية الصينية السند الأيمن للاقتصاد الصيني والداعم الأساس لتطوير الصين في نهضتها التقنية والرقمية.
حتى أصبحت تشكل خطرا على باقي الدول المتقدمة باستخدامها التقنية المتطورة سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا ولا يمكن لأي مشاهد للأوضاع العالمية إلا أن يراهن أن الصين تتجه لأن تصبح منافسا قويا للقوة العالمية العظمى أمريكا بل إن أكثر المحللين يزعمون أنها إذا استمرت على النهج ستكتسح الصدارة العالمية.
ولم يغب هذا التوجه عن أمريكا والدول الأوروبية بشكل عام فلن ينتظروا مكتوفي الأيدي حتى ينتزع منهم اقتصادهم ومكانتهم فسيعملون جاهدين لوقف هذا التنين القادم سواء سياسيا أو اقتصاديا وهذا أمر طبيعي في المجالين السياسي والاقتصادي لكن لا يدخل الصراع حتى في الثقافات المجتمعية والانتاج الأدبي والثقافي بل حتى الرياضي فاستغرب كثيرا ممن ينادي بمقاطعة الألعاب الأولمبية الشتوية 2022 التي تنوي الصين اقامتها فهي حق لهم لجاهزيتهم ولكونها تساعد في دعم المجتمع سياحيا وثقافيا وتكون مزارًا عالميًا لباقي سكان العالم الذين لم يزوروا الصين سابقا وانني أتمنى أن أزورها خلال الفترة الشتوية لاستمتع بالأولمبياد وأشاهد ما وصلت إليه بكين بعد عشرة أعوام غبت عنها ولا شك ان هذا الحدث هو نقلة نوعية جديدة فإذا اعتبرنا أن بكين ولدت قبل أعوام فما هذا الحدث أولمبياد بكين الشتوي 2022 إلا يوم زواجها لباقي مدن العالم وسيعرف الجميع حقيقة بكين الجديدة وستتجه أنظار الجميع بانبهار وتفكير عميق لتتعرف أكثر على أسرار الصين وهدوئها الخارجي واحتفاظها بتقاليدها وتطورها في بناء الحضارة الصينية الجديدة.