عطية محمد عطية عقيلان
منذ ظهرت مختلف منصات التواصل الاجتماعي وجذبها مليارات المستخدمين حول العالم، وهي محل اتهام واعتراض ونقد من البعض، ورغم ذلك استمرت في الانتشار والتوسع مع ظهور منصات جديدة تجذب المزيد من المستخدمين على هذا الكوكب، ولم يتوقف الجدال هل وجودها في حياتنا نقمة أم نعمة؟!.
ولمعرفة وجهة نظر كل طرف، كان هذا الحوار «الافتراضي» بين فيلسوف في الاجتماع وعلم النفس والطب يراها نقمة ومضرة للبشرية، وبين إحدى المنصات المتهمة، ودار هذا الحوار :
- الفيلسوف: منذ اقتحمتم حياتنا وفرحنا بها، إلا أنها حولتنا إلى الميل إلى العزلة والنقمة على وضعنا الذي نعيشه، بما تعرضونه وتنقلونه في منصاتكم عن حياة الآخرين وعيشهم المثالي، رغم علمكم أنها حياة مثالية زائفة مصطنعة في الغالب، ولكنكم لم تمنعوا مثل هذا النشر المسيء والمحبط للآخرين.
- المنصة: عزيزي الفيلسوف منذ انطلاقتنا ونحن نعرض ما تقدمونه بأنفسكم ودورنا يقتصر على وضع المعايير للحفاظ على خصوصية ومصداقية العملاء وعدم عرض ما يتنافى مع ذلك.
- الفيلسوف: أولا أنا لست عزيزك لأنك تنظر لي كعميل تحاول جذبه، ثانيا عن أية معايير تتحدث؟ عن مصالحكم المادية أو أهدافكم السياسية، وتعمدكم الإساءة لكل تجربة ناجحة في العالم الثالث، أم عن معاييركم لجذب العميل مهما كان الثمن والطريقة المتبعة؟.
- المنصة: سيدي الفيلسوف معلوماتك مغلوطة، فنحن حياديون فيما نعرضه وأرباحنا عادية مقابل استثماراتنا وما نقدمه من خدمات جليلة للبشرية.
- الفيلسوف: أنا لست بسيدك، وأرباح بمليارات الدولارات عادية، فعلا ينطبق عليكم المثل «شين وقوي عين»، أما عن الحياد والموضوعية فمع كل قضية ترفع ضدكم يتضح مدى ميلكم وتحيزكم لمصالحكم المادية ورضوخكم للضغوط حسب المعلن والسياسي وما يحقق الربح والفائدة واستمرار الثراء لكم.
- المنصة: أيها الفيلسوف لا تنظر إلى أقوال الموظفين الحاقدين والخاسرين والباحثين عن «الشو الإعلامي» وكل ادعاءاتهم كانت زائفة وكاذبة، وتذكر أننا سبب مباشر في تكوين علاقات وصداقات بين مختلف الملل والنحل على ظهر هذا الكوكب، وقربنا البعيد ووفرنا المعلومة للجميع في طرفة عين، ونقدم خدمة جليلة في تثقيف الناس ونشر العلم والوعي وثقافة وعادات الشعوب ونعرض التجارب المفيدة للبشرية ونتيح الفرصة للتعبير عن أفكارهم وآرائهم.
- الفيلسوف صحيح قربتم البعيد وأبعدتم القريب، وغذيتم الكراهية، ونجحتم في انتشار الأمراض النفسية بين عملائكم لسخطهم عن واقعهم، وساهمتم في شهرة ونجومية الفارغين والسطحيين في مجتمعهم وتفننتم في كشف الأسرار وتتبع العورات وكيل الاتهامات واصطناع الخلافات كمن يزيد الحطب على النار، فلم تعد للحياة الخاصة وللخلافات خصوصيتها، مع كيلكم الاتهام وتشويه سمعة كل من يعارضكم حتى ولو كان يعمل سابقًا لديكم، وتقومون بدور «محامي الشيطان».
- المنصة: فعلا أنت فيلسوف جدلي لا تريد أن ترضخ للواقع وأن المعلومة والتعبير لم تعد حكرًا على أحد وهي حق مشروع بدون وصاية وفرض أو توجيه لفيلسوف مثلك، وبسبب تسلطكم وحجركم على الآراء كان نجاحنا وأصبحنا قوة اقتصادية واجتماعية تخدم البشرية وتسهم في تطورها وبنائها وتطوير عقولهم، وهي واقع لا بد أن تعترف بفضله وفائدته حتى عليك بنشر فلسفتك وآرائك، وبما أنك تحب الأمثال، ينطبق علينا المثل الشعبي «لم يلقوا في الورد عيب قالوا يا أحمر الخدين»، فلتواكب التطور أيها الفيلسوف وتغير ما تراه يسهم في تطور البشرية ونشر المعرفة، بدلاً من النقد والتفلسف والتسلط.
- الفيلسوف: شكرا ما أبي، ولهذا سأقوم بحظركم.
- المنصة: بعض العقول لا تقبل النقاش وقبول الرأي الآخر، وكما يقولوا «ما يفيد فيهم طب».