د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تستبق السعودية عقد قمة المناخ 26 في غلاسكو في فبراير باستضافة قمة الشرق الأوسط الأخضر في 23 - 25 أكتوبر 2021 في إطار تصميمها على إحداث تأثير عالمي دائر في مواجهة ظاهرة التغير المناخي وحماية الأرض والطبيعة، وللإسهام بشكل قوي وفاعل، وانطلاقاً من دورها الريادي في تحقيق المستهدفات العالمية بما يدفع عجلة مكافحة الأزمات المرتبطة بشكل متسق إقليمياً ودولياً.
تستهدف المبادرتان زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، وتخفيض الانبعاثات بما نسبته أكثر من 10 في المائة من الإسهامات العالمية، خصوصاً مع زيارة ألوك شارما الرياض، الرئيس المعين لمؤتمر المناخ، من أجل البناء على شراكة قوية وحديثة مع السعودية بعد إطلاق السعودية المبادرة السعودية الخضراء، ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، لمواجهة التهديد العالمي لتغير المناخ، والمبادرتان سترسمان توجه السعودية والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة، ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة، وستسهمان بشكل قوي بتحقيق المستهدفات العالمية التي تتماشى مع إمكانية تحقيق الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة ضمن نطاق 1.5 درجة مئوية حتى منتصف القرن 2050.
تهدف القمة إلى تشكيل أول تحالف من نوعه بالمنطقة لمكافحة التغير المناخي بالشرق الأوسط، وكذلك توفير منصة تجمع بين المعرفة ورأس المال، ووضع أسس دبلوماسية المناخ وتعزيز الإدارة السياسية لإحداث تغيير جذري.
وقد أعلن صندوق الاستثمارات العامة وبالتعاون مع مجموعة تداول السعودية عن نية تأسيس منصة الرياض الطوعية لتداول وتبادل تأمينات وتعويضات الكربون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لتكون المنصة الرئيسية في المنطقة والوجهة السياسية للشركات والقطاعات المختلفة التي تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون أو المساهمة في ذلك من خلال شراء أو بيع أرصدة تعويض الكربون المكافئ عالية الجودة والتي تم التحقق والموافقة عليها.
ووفق بلومبرج فإن السعودية تستعد في 2022 لإطلاق أولى سنداتها الخضراء، من خلال العمل مع شركة بلاك روك الأمريكية الدولية، وهي متخصصة في إدارة الاستثمارات والأصول لتطوير إطار عمل للمبادئ البيئية والاجتماعية ومبادئ الحوكمة، يصب في سعي السعودية لإعادة تشكيل سمعتها الدولية المتعلقة بقضايا البيئة، وهو ما يجعلها ترفض الاستثمارات التي تفتقر إلى خطط مستدامة خاصة بها، في ضوء زخم عالمي سياسي وشعبي مؤيد للتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة للوصول إلى مزيج للطاقة النظيفة، يأتي في مقدمتها الشمس والرياح ذي صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050 أو أقرب وقت بعده، تحقيقاً لهدف اتفاق باريس لتغير المناخ.
ما يعني أن صندوق الاستثمارات العامة يستثمر بعيداً عن الوقود الأحفوري، مما يعكس استراتيجية السعودية الأوسع لتنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على مبيعات النفط الخام، وعمل الصندوق على تعزيز حصة في أكواباور انترناشونال وهي شركة سعودية تنفق بكثافة على الطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية وتحويلها إلى الهيدروجين، كما استثمر في شركة لوسيد لصناعة السيارات الكهربائية.
رغم أن هناك اتجاهات متعددة ومتناقضة أحياناً، خصوصاً حول المسار الأمثل لهذا التحول، والجهات التي تتحمل تكاليفه الاستثمارية الباهظة المقدرة وفق سيناريو الوكالة الدولية للطاقة بنحو 5 تريليونات دولار سنوياً بحلول عام 2030، وثمة خلافات كبيرة بين الدول الصناعية حول كيفية المضي قدماً في الحد من الانبعاثات، فبعضها يعارض التوسع في استخدام الطاقة النووية وتطوير تقنيات الطاقة الأحفورية النظيفة والتوسع فيها، بل بعضها يضع عقبات أمام تصدير واستيراد الهيدروجين الأزرق المستخلص من النفط والغاز.
لكن مثل هؤلاء هم أكثر تطرفاً بسبب وجود عقبات فنية واقتصادية جوهرية ولا يزال الوقود الأحفوري يمثل حالياً 80 في المائة من الطلب الحالي وانخفاضه إلى 20 في المائة حسب سيناريو وكالة الطاقة في 2050 مثالي ونظرة متطرف أيديولوجية متنامية ضد مصادر الطاقة الأحفورية، بينما تتوقع منظمة أوبك أن يكون الطلب في 2045 وإن كان بوتيرة أقل 70 في المائة على الوقود الأحفوري، تجيب عليهم الأزمة الحالية في ارتفاع أسعار الغاز في أوربا 340 في المائة، وبلغت قيمة المليون وحدة حرارية في أوروبا 35 دولاراً ضعف أسعار البترول بنحو 190 دولاراً للبرميل المكافئ من الغاز.
تشير أدلة عديدة إلى احتمال أن تفشل قمة المناخ في جلاسكو إذا لم تكن أكثر واقعية، وتتخلى عن تمسك البعض بالمثالية والتطرف، وبشكل خاص تمسك وكالة الطاقة الدولية التي تمثل العالم المتقدم بهذا النهج المتطرف، فيما لم تتمكن إدارة بايدن من وقف أنابيب نوردستريم 2 الروسي الذي توقفت عن معارضته على مضض، فهي إشارات متناقضة.