د. فهد صالح عبدالله السلطان
يبدو أن البعض من بني جلدتنا -هداهم الله- اعتاد على جلد ذواتنا واستمرأ ذلك، بل وأصبح البعض ينتقد المجتمع بشكل غير موضوعي، وأضحى ذلك أمرًا مألوفًا، وربما جزءًا من حضور المنتقِد (بكسر القاف) الاجتماعي. ليس هذا من قبيل الاعتراض على النقد البناء الهادف بقدر ما هو مراجعة لمنهج تقييمنا لأنفسنا.
فالسؤال اذا: هل نحن منصفون في التقييم عندما يتعلق الأمر بأنفسنا ومجتمعنا؟
سأترك الإجابة على هذا السؤال للقارئ الكريم بعد قراءة هذه الوقفات (التذكيرية) العابرة عن مجتمعنا. وقبل الوقوف عليها وكتابتها حاولت أن أتقمص شخصية مراقب من خارج الصندوق ليكون الوصف أكثر موضوعية وانصافًا.
حاولت قراءة واقع المواطن السعودي فوجدته مواطنًا فريدًا بكل ما تحمله الكلمة (ولا عبرة للشذوذ)، مؤمنًا بربه محبًا لملكه وقيادته مخلصًا لوطنه جادًا في عمله غيورًا على دينه متمسكًا بقيمه محبًا لمجتمعه معينًا لجاره صابرًا على تقلبات زمنه وأحواله.. المواطن السعودي أثبت على مر الزمن أنه إنسان عظيم محب لأرضه في السراء والضراء لا تغيره حوادث الزمن ولا تقلبات الرياح. المواطن هنا رجل كان أو امرأة إنسان بكل معاني الإنسانية يحب الاستقامة ويكره الرذيلة ويمقت الفساد ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لا يضره من ضل إذا اهتدى. ليس لديه وقت إلا للعمل والعطاء والإنجاز والعبادة. إن عمل أحسن وإن حكم عدل وإن عاهد أوفى وإن استضاف أكرم وإن جاور أؤتمن. يجل الكبير ويحترم الصغير ويجبر الكسير ويغيث الملهوف ويتجاوز عن المخطئ ويسامح المسيء، محسن بطبعه ومستقيم بفطرته. ومرة أخرى لا عبرة للشذوذ.
من قُدِّر له منا أن يعيش في مجتمعات أخرى يدرك بكل موضوعية تميز مجتمعنا.
من تجربة شخصية في عملي السابق وبحكم علاقة العمل بشكل كبير مع البعثات الدبلوماسية في المملكة أدركت كيف أن الدبلوماسيين المقيمين في المملكة يستمتعون بالإقامة فيها ويعيشون حياة هادئة في جنبات مجتمعها المستقيم، على عكس ما يعتقده البعض أو تصوره بعض وسائل الإعلام الخارجية، حتى أصبحوا - أعنى الدبلوماسيين- يتداولون قولاً مأثورًا بينهم: (السعودية هي البلد الوحيد في العالم الذي تبكي مرتين عندما تزوره.. تبكي عندما تصل إليه أول الأمر ثم تبكي عندما تغادره في آخر مهمتك).
نعم، لن يضيرنا من انتقص أداء شابنا ولا من ازدرأ كبيرنا. ثقتنا بأنفسنا لا تهزها الرياح، ولا تغيرها الأمواج، راسخة كالجبال الراسيات.
فهنيئًا للوطن بهذا المواطن المخلص وهنيئًا للاستقامة به وهنيئًا للعلم والمعرفة بإضافاته وهنيئًا للاقتصاد وللتنمية بإنجازاته.
مجتمعنا يمثل أسرة واحدة تتوارى فيها الطبقيات وتندمج فيها كل الأيديولوجيات تحت سقف دين واحد ومجتمع واحد ولغة واحدة وأسرة واحدة وقيادة واحدة وتوجه واحد. وليس من قبيل المفاخرة أو المبالغة إن قلت إنه مجتمع فريد يمثل أفضل ممارسة اجتماعية best practice ويمكن أن يمثل أيضًا مثالاً حيًا للمقارنات المرجعية Benchmarking للمجتمعات السليمة، ولكل مجتمع يطمح أن يعيش حياة متحضرة مستقيمة هادئة لا تعتمد على معايير التقدم المادي فقط بقدر ما تأخذ في الاعتبار المعايير الروحية الأخرى كالاستقامة والحب والتكافل والتواصل والتعايش والأمن والسلام.
وباختصار أقول: هنيئًا لنا بنا.